شجرة عالية أوراقها كثيفة حين تداعبها النسائم تتخبط فى بعضها لتصنع صوتا يقتل ما تبقى من شجاعتى.. كنت طفلة جبانة تتظاهر بالشجاعة الدائمة.. طبعًا لم أكن أفصح لأحدهم عن خوفى.. مارينا بنت شجاعة لا تخشى شيئا.. كنت أتظاهر بالشجاعة حين أخطو تحت تلك الشجرة بفستانى الوردى المفضل.. لكن حينها كان قلبى يخفق كعصفور لأول مرة يذوق طعم الحرية وتدور عينى حولها فى فزع.. كنت آراها بعيدة وعالية، من أدارنى أنها لن تبتلعنى وتخبئنى بين أوراقها الكثيفة؟!..
كنت انظر للناس حولى يملئون الشارع ذهابًا وإيابًا... كيف لا ينتبهوا إلى هذا الشبح فى الأعلى الذى يحدق فينا؟!.. ام تراهم خائفون لكنهم يتصنعون الشجاعة مثلى؟!
آه يا شبحى القديم.. الآن صرت آراك شجرة مسنة تخنقها زحام الشارع والبنايات العالية.. قد كبرت وصار لا يخيفنى حفيف أوراقك المسكينة.. اكتشفت أن الاشباح ليست للصغار فقط بل للكبار أيضا أشباح مخيفة تملئ عقولهم وأنهم مثلى يتظاهرون بالشجاعة أحيانًا.
حين تعبث السنون بذاكرتنا نحن نسخر مما كان مصدر خوفنا ونخاف مما كانت تسخر منه أفكارنا.
طفلة خائفة
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد أبوهرجة
رائعه