أكرم القصاص - علا الشافعي

نبيل عيوش: "much loved" يجسد مشاعر العاملات بالدعارة فى المغرب

الإثنين، 25 مايو 2015 09:25 ص
نبيل عيوش: "much loved"  يجسد مشاعر العاملات بالدعارة فى المغرب نبيل عيوش
كتبت أسماء مأمون

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
السينما هى «صناعة الجدل»، اتفقنا أم اختلفنا حول القيمة الفنية للعمل.. هذا ما ينطبق على فيلم المخرج المغربى نبيل عيوش «much loved»، أو حسب الترجمة «الزين اللى فيك»، وهو الفيلم الذى عرض فى قسم «أسبوعى المخرجين»، وأثار جدلا واسعا لأنه يناقش ظاهرة الدعارة فى مدينة «مراكش».

نبيل والذى اعتاد دائما فى سينماه أن يكسر التابوهات من خلال أساليب خاصة تميز أعماله السينمائية من البدايات، فتجربة «على زاوا» عن أطفال الشوارع قدمها بممثلين غير محترفين بل قاد تحديا من نوع مختلف، وأصر على أن يكون الممثلون هم بعض الأطفال الذين التقاهم فى الشارع واصطحبهم فى العديد من المهرجانات، وصولا إلى فيلمه «خيل الله»، والذى يتحدث عن التجارة باسم الدين والتطرف، وتم عرضه بمهرجان كان، وعدد من المهرجانات العربية.

هذه المرة فعلها نبيل واصطحب معه بعضا من فتيات الليل اللاتى ظهرن فى الفيلم ولذلك قامت الدنيا ضده، واتهمه البعض بالإساءة لبلده من أجل إثارة الجدل وتسلط الأضواء، بل ذهب البعض إلى أنه يتاجر بمجتمعه، وطالبوا بأن يأخذ أصحاب دور العرض موقفا محترما لصالح المجتمع المغربى، ولا يقومون بعرض الفيلم مهما كانت الأرباح المتوقعة منه، وما زاد الأمر سوءا تصريحات عيوش والتى اعتبرها البعض إصرارا على استكمال الإساءة عندما قال إنه قدم سيناريو الفيلم للمركز الثقافى المغربى للحصول على دعم، إلا أن السيناريو رفض مرتين دون إبداء أسباب، وواصل تصريحاته: «ومن الأفضل بالنسبة لى أننى لم أحصل على الدعم لأنى لو حصلت عليه لم يكن الفيلم سيعرض فى مهرجان كان».

فيلم نبيل المثير للجدل لم ينل إعجاب الكثير من النقاد والمتابعين ومنهم الناقد سمير فريد الذى قال: «من البديهى أن الدعارة فى كل بلاد العالم سواء كانت قانونية أم خارج القانون، ولكن عالم الدعارة لم يكن موضوعاً لأى فيلم مغربى، ومن البديهى أن التعبير عن هذا العالم فى أى بلد لا يعنى أن هذا البلد ليس فيه سوى دعارة، ومن البديهى أيضاً فى مجتمعات محافظة مثل المجتمعات العربية أن يصدم هذا التعبير الجمهور فضلاً عن السلطات.

ولعل من أشهر الأفلام العربية عن هذا الموضوع الفيلم المصرى «درب الهوى» الذى أخرجه حسام الدين مصطفى عام 1983 عن حى الدعارة عندما كانت قانونية فى مصر فى ثلاثينيات القرن الميلادى الماضى، والذى منع من العرض، ثم أعيد عرضه بحكم قضائى، ووصف سمير الفيلم بأنه رغم شجاعة وجرأة عيوش فإن الفيلم يعانى من مشاكل فنية على مستوى الصياغة الدرامية.

أما الناقد عصام زكريا فأكد أن هناك ترهلا فى الإيقاع، خاصة فى الجزء الأول من الفيلم، بسبب تكرار المشاهد والحوارات، ولكن المختلف فى «الزين اللى فيك» هو الجرأة فى العرض على مستوى المشاهد الجنسية واللغة والألفاظ التى يتحدث بها الشخصيات، وتساءل زكريا: «ألا تقرأون صفحات الحوادث بكل ما فيها من عنف وانحراف ومخدرات؟، وإلى متى سنظل لا نحتمل أن نعرف تفاصيل هذا الواقع المخيف».

ولكن القضية هنا تتعلق بمطالبات المنع والمصادرة وهو ما قد يخلق للفيلم سمعة أكبر، والسؤال الأهم إلى متى سنظل نخفى عوراتنا ونخشى من افتضاحها بدعوى أن «غسيلنا الوسخ» لا ينبغى أن ينشر على الملأ، كل المجتمعات العربية تعانى من تلك الآفة ويعلقون المشانق لأى مبدع يقترب من أى تابوه جنس أو دين أو سياسة؟!

من حق عيوش وأى مبدع غيره أن يقتحم أى منطقة يرآها، ومن حق الجمهور أن يشاهد أو يرفض، والأجدى هو تقييم العمل فنيا وليس أخلاقيا وقيميا، ولا يجب أن ينصب البعض من أنفسهم وصايا على الفكر والإبداع، أو يفتشون فى النوايا بدعوى أن كل ما يقصده عيوش هو الحصول على أموال وشهرة أكبر، ولا أظن أن عيوش يحتاج لشهرة فهو بالفعل صار واحدا من أشهر مخرجى السينما العربية فى المحافل الدولية.

وهى المأساة التى تتكرر فى عالمنا العربى مع أفلام مثل «القاهرة منورة بأهلها» ليوسف شاهين، حيث وصل الهجوم وقتها إلى مطالبة البعض بإسقاط الجنسية عن شاهين، ونفس الحال مع المخرج عاطف حتاتة، والمخرجة تهانى راشد، والراحلة أسماء البكرى.

والمفارقة أن الأدب والذى تنهل منه السينما ملىء بكثير من شخصيات فتيات الليل فى أدب نجيب محفوظ وعلى رأسها الثلاثية «بين القصرين» و«قصر الشوق» و«السكرية» ويوسف إدريس ومنها «قاع المدينة» وغيرها، كما أن المبدع الكبير ماركيز صاغ رواية كاملة بعنوان «ذكرى عاهراتى الحزينات»، لأنها منطقة مثيرة للخيال والجدل، وتظهر واقع المجتمعات المريضة التى تعانى من ازدواجية، وتصر على نفى الآخر أيا ما كان.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة