أكرم القصاص - علا الشافعي

الانبا ارميا

الموت بداية!"

الأحد، 12 أبريل 2015 11:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يرى بعضٌ أن لا قيمة للحياة وهى ولا تساوى شيئـًا، إذ تنتهى بالموت وحينئذ يذهب كل شىء؛ وقد عبّر بعض الشعراء عن هٰذه الفكرة فنظم:

أَنا بَعْدَ المَوتِ شَيْئـُا لا أَكُونُ حيث إنّى لَمْ أكُنْ مِنْ قَبْلِ شىءِ!


وعفوًا إذا كانت الحياة تنتهى بالموت، ولٰكنها حينئذ تبدأ، لا هى النهاية كما يرَونها! إن القيامة هى الحدث العظيم الذى يُعلن للبشرية أن قيمة كل ما حدث فى رحلة الحياة لم تنتهِ أو تنقضِ، بل هى حياة حقيقية وقد بدأت ولن تنتهى! لذا فالحياة التى نُقضِّيها ليست عبثـًا، وهى تساوى كثيرًا جدًّا أكثر مما نفتكر أو نتخيل إذ من خلالها تتحدد حياة أخرى للإنسان إلى الأبد فوق التصور أو الإدراك!! ومن لا يزرع اليوم لن يحصد غده الأبديّ. ومن يَهدِر سنواته وأيامه بل ساعاته ودقائقه لن يجنى إلا الألم. إن القيامة تتبعها الدينونة والحساب ومجازاة كل إنسان بحسب أعماله. لذٰلك فالقيامة، من جهة، مفرِّحة لمن تعِب وعمِل واستثمر كل لحظات عمره فى بناء ما لن يستطيع الموت أن يَهدِمه؛ ومن جهة أخرى، هى مُرهِبة لكل نفس أضاعت أيام حياتها حتى جاءت لحظة الحساب.

وقد قدَّم إلينا الكتاب المقدس مثلا يوضح هٰذا المعنى؛ إذ يقول إن سيدًا دعا عبيده وأعطاهم وزنات أو مواهب ليتاجروا ويربحوا بها، ثم سافر زمانـًا طويلـًا. وحين عاد السيد، استدعى عبيده ليحاسب كل منهم عما فعل بوَزْنته. ومن تاجر وربِح أعطاه سيده مزيدًا مع سعادة دائمة، ومن لم يعمل وأفسد حياته فالذى له أُخذ منه، وذهب هو إلى حيث موضع الأشرار. لذٰلك ففى كل عيد للقيامة، علينا أن نجلس مع أنفسنا ونقيِّم ذواتنا فيما صنعناه فى حياتنا. وليسأل كل إنسان قد أُعطى وزنة أو وزنات من الله: هل تاجرتُ وربحتُ بها؟ ربما تكون وزنتك هى العِلم؛ فماذا، إذًا، قدَّمتَ بما تعلمتَه؟ ألخير البشر، أو لخير من تعرِفهم؟ أقدَّمتَ من علمك إلى من احتاجه، أم حجبتَه عنه؟ وربما كانت وزنتك هى مال تملِكه أو سلطة وُهبت لك؛ فهل استخدمتها فى مساعدة المحتاج؟ أم تَراك وجَّهتها لإتعابه؟َ وربما شخصيتك المؤثِّرة القيادية هى كل ما مُنحتَ من الله، فهل انتهبت لأين تسير بمن يسيرون خلفك، يتبعون طريقتك وأساليبك، وربما منهجك فى الحياة؟!

عزيزي، لا تكُن مِثل الشاعر الذى نشد فى لهجة يائسة:


لِمَنْ نَبْنِى وَنَحْنُ إلى تُرابٍ نُصِيرُ كَما خُلِقْنا مِنْ تُرابِ
نعم سنعود إلى التراب، إلا أن ما نبنيه فى الحياة، وما نستطيع أن نبنيه ولم نفعل، يظل مصاحبـًا لنا فى القيامة. وما نبنيه وإن كان لمنفعة آخرين، إلا أنه سيوضع فى حسابنا عند الله. لقد وهبَت القيامة للحياة أعمق معانيها؛ كما جعلتها رسالة مهمة يقدِّمها كل شخص، وطريقـًا لن يراه إلا من يسعى نحو الحياة الأبدية.
كل عام وجميعكم بخير فى عيد "القيامة" الطريق المؤدى إلى الأبدية.

*الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة