أكرم القصاص - علا الشافعي

مافيا الشهادات الطبية فى مستشفيات الحكومة.. الموظفون يسهلون الحصول على الإجازات المرضية والمطلوبة للزواج دون إجراء فحوصات مقابل مبالغ مالية تبدأ من 100 جنيه

السبت، 28 فبراير 2015 08:59 ص
مافيا الشهادات الطبية فى مستشفيات الحكومة.. الموظفون يسهلون الحصول على الإجازات المرضية والمطلوبة للزواج دون إجراء فحوصات مقابل مبالغ مالية تبدأ من 100 جنيه الدكتور عادل العدوى وزير الصحة
تحقيق - هدى زكريا - أحمد جمال الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«شهادات للحصول على وظيفة فى مجال الأغذية، وأخرى إذا كنت ترغب فى إجازة من العمل وأخيرا إذا كنت مقبل على الزواج وبحاجة لتقرير طبى لإتمام الزيجة» جميعها شهادات وضع لها القانون اشتراطات محددة من أجل استخراجها والحصول عليها.

- 2015-02 - اليوم السابع

بالنسبة لشهادة الراغبين فى العمل بمجال الأغذية على سبيل المثال لابد من استيفاء مجموعة من الاشتراطات وفقا لما نصت عليه مديريات وزارة الصحة وهى طلب مستوفى الدمغة «الأصل»، وصورة شخصية «الأصل»، وبطاقة الرقم القومى «صورة»، ونتيجة عينة براز «الأصل»، ونتيجة عينة بول «الأصل»، وعمل أشعة والكشف بمستشفى الصدر، أما فيما يتعلق باشتراطات استخراج الشهادة المرضية بهدف الحصول على راحة أسبوعية أو شهرية يجب أولا تسجيل البيانات فى دفتر المستشفى، وتدوين يوم الحضور، وتاريخه، وبيان الإصابة، ثم تقديم طلب إلى الجهة الإدارية للمستشفى والانتظار عدة أيام للحصول على تلك الشهادة ممهورة ومعتمدة بخاتم المستشفى. وأخيرا إذا كنت من المقبلين على الزواج وتريد استخراج شهادة طبية تفيد بخلوك من أى أمراض فوفقا للاشتراطات التى نصت عليها اللائحة التنفيذية للقانون بشأن الفحص الطبى للراغبين فى الزواج والصادرة بالقرار الوزارى رقم «96» لسنة 2009 وتعديلاته فإنه يتوجب على الراغبين فى الزواج عمل ما يلى: أولا أن يتقدم راغبو الزواج إلى وزارة العدل بطلب يفيد رغبتهم بالزواج. تقوم بعدها الأخيرة بإصدار طلب لوزارة الصحة لإجراء الفحص الطبى. ثم يقدم الطلب إلى مركز الفحص الطبى قبل الزواج فى وزارة الصحة للبدء بإجراءات الفحوصات الطبية اللازمة وإصدار شهادة إتمام الزواج. وبعدها يتم إصدار شهادة الزواج بعد خمسة أيام عمل على الأقل من تاريخ إجراء الفحوصات الطبية للفحص الطبى قبل الزواج.

ولكن بالرغم من كل الاشتراطات السابقة إلا أن عملية الحصول على شهادة لأى من الأغراض المذكورة أصبح أمرا فى غاية السهولة واليسر وبدون إجراء أى فحوصات خاصة فى ظل غياب الرقابة وعدم الاهتمام بالمخاطر الناجمة عن ذلك وهذا ما كشفت عنه «اليوم السابع» وحاولت إثباته من خلال تجربتها بعدد من المستشفيات الحكومية ومكاتب الصحة إلى جانب شهادة المواطنين أنفسهم.

شهادة الزواج بـ250 جنيها فى شبرا


للتغلب على الأمراض الوراثية تم إلزام المقبلين حديثا على الزواج بإجراء الكشف الطبى، ورغم أهمية هذا الكشف، الذى يأتى فى صالح الزوجيين إلا أنه يتم التلاعب فيه ويتحول إلى إجراء روتينى فقط يفقد أهميته بعد دفع مبلغ مالى يتم بمقتضاه الحصول على تلك الشهادة دون إجراء أى فحوصات وهذا ما حدث فى مستشفى شبرا.?

داخل أحد مستشفيات شبرا ذهب «أ. ج» ويعمل محاسبا فى أحد الشركات الخاصة للسؤال عن إجراءات المطلوبة لاستخراج شهادة فحص الزواج قبل الشروع فى عقد قرانه ببضعة أيام.
«مستعجل ولا ناوى تستنى»، إنه السؤال الذى تلقاه من أحد العاملين بالمستشفى للحصول على تلك الشهادات دون المرور بخطوات الفحص شريطة دفع 250 جنيهًا، وهو المبلغ الذى سيتم اقتسامه على عدد من العاملين معه بحسب ما ذكره إلى جانب ضرورة إحضار صورتين ضوئيتين للعروسين والعودة فى اليوم التالى.

«تعالى خد الحاجة بتاعتك» هكذا تلقى «م. ا» اتصالا من العامل بالمستشفى طالبا منه الحضور إلى الباب الرئيسى للمستشفى لاستلام الشهادتين اللتين أكدتا خلوه ومن تقدم للزواج بها من الأمراض وسلامتهما.

- 2015-02 - اليوم السابع

عدم وجود رقابة جدية على هذه الإجراءات جعلت من هذه الشهادات وسيلة ربح جيدة لعدد من العاملين فى المستشفيات دون الالتفات إلى المخاطر التى تنتج عنها، والذى يتسبب فى شيوع عدد من الأمراض ومنها الفيروسات الكبدية بنسبة %10 بحسب تأكيدات الدكتور محمد عز العرب رئيس وحدة أورام الكبد بمعهد الكبد.

100 جنيه مقابل «المرضى» فى المنيرة


«بحاجة لاستخراج تقرير طبى للحصول على إجازة مرضية من العمل» هذا هو الطلب الذى تم توجيهه لأحد أفراد الأمن، أمام البوابة الرئيسية لمستشفى المنيرة لمعرفة المكان المختص باستخراج هذا النوع من الشهادات ولكن جاءت الإجابة من قبل فرد الأمن مغايرة تماما حيث قال إنه بإمكانه استخراجها دون إجراء أى فحوصات أو تقديم أى أوراق.

الاستجابة السريعة للطلب وابتسامته التى توحى بسهولة المهمة من قبل هذا الرجل الذى قدم نفسه على أنه رئيس العاملين بالأمن الإدارى للمستشفى، تؤكد أنه ألف هذا العمل وقام به أكثر من مرة وهذا ما دلل عليه بقوله «استخرجت شهادات كثيرة لناس من فئات عمرية مختلفة إما للحصول على إجازة من العمل أو الجامعات والمدارس».

مدة الإجازة وجهة العمل التى سيتم تقديم الشهادة لها هى البيانات التى يتم على أساسها تحديد سعر الشهادة، الذى يرتفع كلما زاد عدد الأيام المطلوبة للراحة حيث يبدأ سعرها بـ100 جنيه للشهر الواحد وهو السعر الذى تم الاتفاق عليه بعد إجراء فرد الأمن لمكالمة هاتفية لأحد الأشخاص المسؤولين عن ختم واستخراج الشهادة بحسب قوله.

نصف ساعة فقط هى المدة الزمنية التى يتطلبها الحصول على تقرير طبى جاء فيه الآتى بعد الكشف الطبى على المذكور وعمل الفحوصات اللازمة تبين أنه يعانى من تمزق بأربطة الكاحل الأيمن وتم عمل جبيرة خلفية أسفل الركبة وحول الكاحل الأيمن لمدة شهر مع العلاج الدوائى المستمر والمتابعة بالعيادة، ولكن التقرير النهائى كان يحمل ختم مستشفى الدمرداش على الرغم من أنه صادر بمساعدة رجال مستشفى المنيرة، واختلاف الجهات هذا كشف عن وجود تجارة كبرى تجمع بين عدد من العاملين فى المستشفيات تقوم على بيع تلك الشهادات لمن يرغب فى الحصول عليها، وهو الأمر الذى وضحه العامل بقولة «هناك من يقوم بمعاونتنا من العاملين فى مستشفى الدمرداش وهو المسؤول عن ختم هذه الشهادات ويتم الحصول عليها من خلال جمع عدة طلبات وملئها هاتفيا ثم يقوم بإرسالها لنا دفعة واحدة». من جانبه قال الدكتور محيى الدين البنا مدير مستشفى الدمرداش السابق إن التلاعب فى التقارير والشهادات الطبية أمر غير مستبعد الحدوث وإن كان يمثل حالات فردية ويمكن الحد منها والسيطرة عليها فى المستقبل خاصة مع تعدد الوسائل التى تسمح بذلك، مضيفا «ولكن يجب ألا نغفل أن تلك الممارسات تخضع للضمير فى المقام الأول والأخير».

«التقرير سليم وهو يكشف عن الترهل وغياب الرقابة الذى أصاب المستشفيات» قالها الدكتور عمرو الشورى عضو مجلس النقابة العامة للأطباء بعد اطلاعه على الشهادة المرضية المذكورة مضيفا أن هناك من يستغل حالة عدم إحكام الرقابة نظرا للظروف الخاصة التى تمر بها البلاد ويقوم باستغلالها لتحقيق مكاسب مادية. وأوضح الشورى أن تلك الشهادات تنتشر على نطاق واسع خاصة أن هناك رأيا يرى أنها لا تمثل خطورة كبرى على المجتمع حيث تستخدم فى الإجراءات الإدارية فقط.

ولكن إذا كانت تلك الشهادات لا تمثل خطورة كبرى لأنها تستخدم فى الإجراءات الإدارية فقط، فهناك شهادات أخرى يحصل عليها العاملون فى مجال الأغذية دون إجراء الفحص الطبى اللازم لهم وهذا ما حدث مع مستشفى الصدر بأحمد حلمى.

فى أحمد حلمى شهادة عامل المطعم بدون تحاليل


ورقة ممزقة معلقة على لوحة خشبية بالية داخل مستشفى الصدر بشبرا توضح الخطوات التى يجب اتباعها للحصول فى النهاية على الشهادة الطبية التى تمكن حاملها من العمل فى مجال الأغذية بجوارها غرفتان تم تخصيص إحداهما للموظفين المسؤولين عن تلقى الطلبات الخاصة بالحصول على الشهادات والأخرى بها منضدة خشبية يجلس خلفها رجل خمسينى العمر المسؤول عن استقبال العينات من المتقدمين.

- 2015-02 - اليوم السابع

«صورتان شخصيتان وعينة براز يجب إحضارها معك» قالها الشاب الأربعينى ويدعى «ش» مطلا من شباك حديدى مشددا على ضرورة الحضور ما بين الساعة 8 إلى 11 صباحا، الجدية التى تحكم تعاملات الموظفين مع الجمهور الراغب فى الحصول على الشهادات لم تطبق أثناء تنفيذ الإجراءت وبالأخص عند استلام العينات التى يكتفى الموظفون باستلامها من الجمهور دون التأكد من أنها تخصهم أو تخص أشخاصا غيرهم.

«أحضر العينة معك من منزلك قبل أن تأتى لأن دورة المياه هنا غير نظيفة»، هذه هى التعليمات التى قالها الرجل المسؤول عن المعمل الذى تنحصر مهمته على استلام العينات ووضعها فى أنبوبة الاختبار وترقيمها بعد وضع اسم صاحب العينة عليها تمهيدا لإرسالها إلى معامل وزارة الصحة والذى رفض بشده التغاضى عن هذه الخطوة على الرغم من أنه كان على علم بأن العينة قد تكون غير أصلية خاصة وأن تجهيز العينة لا يتم داخل المستشفى قائلاً: يجب اتباع تعليمات وزارة الصحة.

مسؤول المعمل تلقى العينة غير الأصلية قائلاً: فيه عينات لا تنتمى لأصحابها ولكن هذا لا يخصنا نحن ننفذ التعليمات فقط.

انتهت المرحلة الأولى المتعلقة بتقديم عينة براز فقط وليس بول أيضا كما تنص اشتراطات وزارة الصحة بشأن التقديم لوظيفة فى مجال الأغذية وجاءت مرحلة الكشف الذى يقتضى الانتظار فى طابور وسط عدد من المرضى، لحين حضور أحد الأطباء الذى وصل إلى حجرة الكشف بعد مرور ربع ساعة وبعد نظرة عابرة من الطبيبة يتم توقيع عبارة سلبى على الكارت الخاص وهو ما يعنى اجتياز تلك المرحلة للانتقال إلى المرحلة الأخرى وهى الأشعة الصدرية التى يتم عملها من خلال جهاز قديم يغلفه الصدأ من كل جوانبه.

وفى النهاية يتم الحصول على إيصال يمكن العمل به لحين انقضاء 21 يوما هى الفترة التى تستغرقها مرحلة استخراج شهادة خالى من الأمراض ومن خلال هذا الإيصال يمكن الذهاب لطالب الوظيفة والحصول عليها دون انتظار لنتيجة الفحوصات.

«أخطاء وخلل فردى» هذا هو الوصف الذى أطلقه الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث باسم وزارة الصحة رافضا وصفها بالظاهرة، موضحا أن هناك 600 مستشفى حكومى يقوم يوميا بإصدار ما يقرب من 1000 تقرير لا تمثل فيها نسبة التقارير غير الصحيحة نسبة تذكر.

من جانبه قال محمود فؤاد رئيس مركز الحق فى الدواء إن الشهادات والتقارير الصحية فى مصر تمثل تجارة رائجة للبعض لغياب الرقابة من قبل وزارة الصحة وضعف الأدوات التشريعية التى يمكنها محاربة تلك الظاهرة.

وأوضح فؤاد أنه خلال الفترة من 2001 إلى 2011 تم رصد أكثر 3 ملايين شهادة مزورة تم التعامل معها وتقديمها إلى الجهات المختلفة، مؤكدا أنه كان هناك اقتراح بتنظيم الأختام داخل المستشفيات بوضع أرقام كودية لها بحيث يصعب تقليدها ولكن هذا لم يحدث حتى هذه اللحظة.


وزارة الصحة والشهادات الطبية


وضعت وزارة الصحة عدة اشتراطات لاستخراج الشهادات الطبية المستخدمة فى الشأن الإدارى أو الوظيفى، وذلك لتوفير أكبر قدر من السلامة والأمان فى العلاقة ما بين مقدم الخدمة ومستقبلها، كما وضعت مجموعة اشتراطات حازمة متعلقة بالفحص الطبى لإتمام الزواج، لكن تبقى جميعها مجرد اشتراطات صورية لا تجد تطبيقًا على أرض الواقع. لذا حذر عدد من الأطباء من خطورة عدم اتباع الاشتراطات الموضوعة من قبل الوزارة لاستخراج الشهادات، مؤكدين أن هذا سبب كفيل فى نقل العدوى والفيروسات بين المواطنين.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة