أكرم القصاص - علا الشافعي

وائل السمرى

تجديد «الوعى» الدينى

الأربعاء، 18 فبراير 2015 08:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من حين لآخر، يتأكد المجتمع المصرى من حاجته إلى تجديد «الخطاب الدينى» لكن سرعان ما يتحول إلى «موضة» يسارع الكتاب فيها إلى الإدلاء بدلوهم، فتكتب مئات المقالات وتظهر فى السوق عشرات الكتب التى تتناول هذه القضية، ويصبح «تجديد الخطاب الدينى» هو الشغل الشاغل للبرامج الحوارية والحلقات النقاشية، لكن سرعان أيضا ما تخفت هذه الحدة فى التناول ولا تظهر مرة أخرى إلا مع تكرار المصائب التى تكاثرت فى عالمنا، ومرة بعد مرة أصبحت جملة «تجديد الخطاب الديني» كلمة سيئة السمعة من كثرة تكرارها بلا مردود حقيقى يحل الأزمة التى نواجهها كل يوم مع بعض التأويلات المغلوطة للنصوص الدينية وما تجره علينا تلك التأويلات من ويلات الإرهاب وموجات التخلف التى لا تنتهى.

المشكلة الحقيقية هنا لا تكمن فقط فى أن مجتمعنا يعانى بشدة من وباء «الحماسة الفارغة» فيتحمس لأمر ما تحت تأثير رد الفعل ثم ينساه ضمن ما ينسى من تفاصيل الحياة، لكن المشكلة تكمن فى أننا عادة ما نخطئ فى تعريف مفهوم «الخطاب» وبالتالى نخطئ فى تجديده، وليس أدل على هذا المفهوم الخاطئ من قول أحد كبار شيوخ الأزهر من أن تجديد الخطاب الدينى يعنى «تفكيك خطاب الخصم» أى أن مهمته فى «تجديد الخطاب الدينى» هى الرد على خصوم الأزهر الفكريين مثل تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية، وليس طبعا محاولة إعادة النظر فيما يقدمه الموروث الدينى من نصوص تتحول إلى قنابل موقوتة فى أفواه المتطرفين.

الشيخ الكبير، كما فى المثال السابق، يمارس أحد المفاهيم الخاطئة لفكرة «تجديد الخطاب الدينى»، أما المفهوم الثانى الأكثر تدميرًا فهو أن ينتقى بعض الشيوخ لبعض النصوص دون غيرها ليصدروها إلى العامة باعتبارها «الدين» وما عاداها باطل، لكن للأسف هذه الطريقة، وإن كانت تفيد هؤلاء الشيوخ فى الخروج من مآزقهم الفكرية، فإنها تثبت فشلها كل يوم فى أن تحل مشاكلنا المزمنة، ذلك لأن المصادر التى يستشهد بها هؤلاء الشيوخ على سماحة الإسلام وعظمته، هى ذاتها المصادر التى يرتكز عليها الإرهابيون ليظهروا الإسلام كدين دموى مغتصب، وهكذا بدلا من أن يفكك شيوخنا خطاب الخصم يسهمون فى تفكيك الإسلام ككل.

تلك المرحلة الحرجة التى نحيى فى ظلها أثبتت أن فكرة «تجديد الخطاب الدينى» أصبحت منتهية الصلاحية، والمطلوب الآن أن نجدد «الوعى الدينى» أو تجديد وعينا بالدين، عن طريق وضع نصوصه المتناقضة فى سياق واحد مرتكزين على أفكار الإسلام الأخلاقية الأساسية، نازعين قناع القداسة عما نهى الإسلام عن تقديسه من أشخاص أو أفكار.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة