أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد صلاح يكتب: قهوة سادة بعد الليل

الثلاثاء، 27 يناير 2015 08:24 ص
أحمد صلاح يكتب: قهوة سادة بعد الليل عرض مسرحى - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أقف وحيدًا أمام مركز الإبداع الفنى صباحًا، أتهب لدخوله كموظف جديد فيه، قال لى مديره إننى سيقع على عبء عمل كبير فى هذا المكان الذى يحظى باهتمام كبير وكذلك حضور لشخصيات عامة كثيرة لعروضه، كنت تقريبًا أجهل ما يحدث بداخله، إلا من بعض قصاصات الصحف التى تتحدث عن النجاحات داخله، ولجأت إلى المكان ليستقبلنى الزملاء بحفاوة بعد مشكلة صغيرة فى مكانى الأول، استتبع منها نقلى إلى مركز الإبداع الفنى، وبدأت أشعر أننى لست غريبًا عن المكان بعد تطوع كل العاملين بشرح طبيعة عملهم، ولأننى موظف ـ رخم ـ وروتينى جدًا، بدأت فى تذوق كل شبر فى المكان، ومعرفة كل الخبايا، فالمكان يضم أربعة أنشطة: مسرح وسينما ورقص حديث وفيديو تك، وبدأت مع السينما تعلمت تركيب الفيلم 35 مم والذى اكتشفت أنه عبارة عن مجموعة فصول كل فصل عبارة عن بكرة ضخمة للغاية تشبه فيلم الكاميرا القديم، وبدأت فى غرفة ماكينة السينما أساعد وأتعلم تركيب الفيلم ووضعه على الماكينة وتشغيله ثم الجلوس لمشاهدة الفيلم وتنبيه ميكانيكى السينما بالمشكلات، ثم اتجهت إلى مدرسة الرقص الحديث ومتابعة حضور طلبة المدرسة ومتابعة المحاضرات وإلزام الطلبة بالتعليمات، ثم... كان لابد أن أدخل إلى قاعة المسرح.

كان المخرج خالد جلال قد عاد منذ أعوام من إيطاليا وقد درس المسرح، وتولى الإشراف على المسرح فى مركز الإبداع الفنى مطبقًا ما تعلمه من فنون المسرح الحديث، وكانت الورشة التى اختار فيها مجموعة من الشباب والفتيات ليتعلموا هذا الفن، وبدأت أشاهد معه بروفات مسرحية "هبوط اضطرارى"، وفى أول بروفة أشاهدها كنت أضحك وأبكى وأنا المشاهد الوحيد فى الصالة المصممة على النظام الأيطالى الحديث، وشاهدت عرض هبوط اضطرارى أكثر من اثنين وعشرين مرة حتى حفظتها بالحوار و"ميزانسية" الحركة، وصادقت نضال الشافعى وياسر الطوبجى وسامح حسين وإيمان سيد وغيرهم من النجوم الذين تخرجوا من مسرح مركز الإبداع.

وفجأة جاءنى استدعاء مفاجئ لأعود لعملى الأول بعد انتهاء المشكلة، وشعرت وأنا أغادر المبنى مرغمًا برغم محاولات الاعتذار أننى أترك جزءًا من التاريخ الفنى يصنع وكنت شاهدا عليه، ولا أخفى سرًا أن الشهور التى قضيتها فى مركز الإبداع الفنى أثرت كثيرًا فى شخصيتى، فأصبحت أكثر انفتاحًا، أكثر قراءة فى مواضيع كثيرة منها السينما والمسرح كنت أظن أنها أمور ثانوية بجانب القراءة فى السياسة والرواية والتاريخ، بعد أن أدركت ببساطة أن كل العلوم لا تنفصل عن بعضها، فعرض "هبوط اضطرارى" كان عمل سياسى كوميدى يجعلك تنظر من زاوية "الكوميديا السوداء" إلى الوطن.

وفى عرض قهوة سادة الذى حضرته على المسرح الكبير بدار الأوبرا، كنت أجلس نادمًا أننى لا أردد مع الشباب الحوار ولكننى كنت أضحك بشدة على الكوميديا السوداء ونكأ جروح الوطن بطريقة الطبيب والمبضع وكأن شباب خالد جلال يقولون للمسئولين خذوا حذركم.

ويأتى عرض "بعد الليل" ولأننى لست ناقدًا ولا مسرحيًا، ولكننى مجرد متذوق للفن وفقط، اكتشفت أن خالد جلال لا يستعين بالديكور أو بالبهرجة الشديدة ولكنه يكتفى بأبسط ما يمكن من الأشياء التى يمكن أن تستغل فى كل التابلوهات فى العرض، حتى فى الملابس والإضاءة، ولكن تركيزه يكون على الحوار وتفاعل الجمهور مع الممثلين، وعرض بعد الليل هو استمرار لسياسة خالد جلال فى نكأ الجراح، فكان تركيزة على مشكلات مصر بعد ثورتين أساسيًا، وتمثل ذلك فى تابلوه عن الإعلام، فالسيدة الحامل جاءها المخاض فى الشارع مع زوجها فصرخت، فقال أحدهم إنها كانت تغتصب، فتلقف الإعلام الأمر ليضخم الحكاية التى هى فى الأصل مجرد إشاعة، ويتحدث فيها جهابذة الإعلام ويتهمون المسئولين بالتقصير وفى النهاية تحتفل السيدة التى صرخت من قبل بالسبوع، كذلك نظرة الكل للكل بأنهم متطرفون، فكل فرد منا ينظر للآخر فقط من وجهه نظره فيتهمه بأنه متطرف فى فكره الذى هو خطأ وأن الفكر الذى ينتهجه هو فقط الصحيح، فى إشارة من خالد جلال إلى حالة بلبلة الفكر التى أصابت الجميع بعد 25 يناير.

مركز الإبداع الفنى الذى يقع بجوار دار الأوبرا، بجانب أكبر صرح ثقافى -المجلس الأعلى للثقافةـ قبلة مثقفى مصر، هناك على خشبته يصنع نجومًا من خلال ورشة رائعة تعلموا فيها كل الفنون من غناء وتمثيل وحتى رقص وإتيكيت واختيار ملابس، وبعضهم يتعلم ديكور وإخراج وكل ما يتعلق بالفن المسرحى، بالفعل هذا الصرح شرفت أننى عملت به بضعه أشهر.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة