أكرم القصاص - علا الشافعي

د. شوقى عبدالكريم علام يكتب: الخطاب الدينى وضرورة التفكير المستقيم.. الإصرار على اتباع التفكير المعوج الغثائى يجب أن يحارب بصورة منتظمة ابتداء من مناهج التعليم وانتهاء بالإعلام

السبت، 30 أغسطس 2014 08:24 ص
د. شوقى عبدالكريم علام يكتب: الخطاب الدينى وضرورة التفكير المستقيم.. الإصرار على اتباع التفكير المعوج الغثائى يجب أن يحارب بصورة منتظمة ابتداء من مناهج التعليم وانتهاء بالإعلام فضيلة المفتى د. شوقى عبدالكريم علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التفكير بلا شك نعمة ربانية وهبها الله سبحانه وتعالى للإنسان، ومن شُكر النعمة أن نتحدث بها فقال الله تعالى: «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده»، والدليل على أن التفكير نعمة أننا قد أُمرنا به فى حياتنا كلها وفى القرآن «وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون»، فربط سبحانه وتعالى بين الالتزام بالأوامر والنواهى فى العقيدة والشريعة والأخلاق، وبين التفكر الذى هو الأساس فى الفهم والإدراك والإحاطة.

والخطاب الدينى من أجل أن يكون صحيحًا ويسير على الطريق الصحيح، ولكى يحقق الغاية منه لا بد أن يدعو إلى التفكر السليم والبعد عن التفكير السقيم الذى يقود الأمة إلى المهاوى، لذا فعليه بداية لابد من بيان التفكير السليم للأمة الإسلامية وحث الناس عليه.

والفكر فى حقيقته هو ترتيب أمور معلومة يتوصل الإنسان بها إلى مجهول، فالأمور المعلومة تكون فى صورة جملة مفيدة، وكل جملة مفيدة قد تخبر عن واقع وقد تعبر عن طلب، والتفكير المستقيم يبدأ من البحث فى الجملة التى تخبر عن واقع ويأخذ فى التأكد من صحتها وإلا اتجه الفكر إلى الخرافة فلا يكون مستقيمًا، وكل جملة مفيدة لها مجال، وكل مجال له طريقة فى إثباته، ودليل يبرهن على صحته ومعيار للقبول والرد بشأنه.

كما أن على الخطاب الدينى أن يبين صور الانحراف عن التفكير المستقيم، التى منها أن نبحث عن دليل لمسألة عقلية فى النقل، أو عن مسألة حسية فى العقل، أو عن مسألة نقلية فى الحس، الذى يضبط كل ذلك هو العلم، والعلم لا يقتصر على التجريب فقط، وإنما يعنى القدر التعيينى من المعرفة، وبذلك فهو يفرق بين القطعى والظنى ويعلم حدود كل واحد منهما. والخلط بين القطعى والظنى من مظاهر التفكير المعوج والخلط بين مجال الحس والعقل والنقل وعدم التمييز بينها من مظاهر التفكير المعوج وعدم احترام التخصص يعد بلا شك أيضا من مظاهر التفكير المعوج واحتقار مجال على حساب مجال آخر من مظاهر التفكير المعوج.

والتفكير المعوج يؤدى بنا إلى الغثائية، ويؤدى بنا إلى عقلية الخرافة وإلى منهج الكذب باعتباره هو مخالفة الواقع أو هو مخالفة الواقع والاعتقاد، ولذلك أُطلق الكذب فى لغة قريش على الخطأ، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم فى يوم فتح مكة: «كذب سعد» عندما قال سعد بن عبادة: اليوم يوم الملحمة. فقال صلى الله عليه وسلم: «بل اليوم يوم الرحمة» وكذب هنا بمعنى أخطأ فيما قال، فعزله النبى صلى الله عليه وسلم من القيادة، وعين ابنه قيسًا مكانه. إن التفكير المعوج يجعل الناس تعيش فى أوهام، وإذا شاع هذا التفكير اختلت الأمور وكان ذلك أكبر عائق أمام التنمية والإصلاح.

وإذا ما قارنا حالنا مع الفكر المستقيم والفكر المعوج مع حال أسلافنا، حيث بنيت الحضارة ونفعت الإنسان فى كل مكان، لوجدنا أنهم قد تنبوا الفكر المستقيم وحاربوا بكل قوة الفكر المعوج، وإذا ما قارنا حالنا فى ذلك مع حال الحضارة الغربية وجدناهم أيضًا قد حاربوا الفكر المعوج ورفضوه، ومن مظاهر رفضه قضية التخصص والمرجعية، فقد آمنوا بالتخصص وآمنوا بالمرجعية ولم تعد شخصية «أبوالعريف» إذا جاز التعبير التى شاعت فى الثقافة الشعبية شخصية محببة أو طريفة، بل هى شخصية غاية فى التخلف والانحطاط ويمثل الكذب عندهم - سواء عند السلف أو عند الغرب - قيمة سلبية يُحاسب عليها من يرتكبها على جميع المستويات ويكون الكذب جريمة إذا ما صدر عن مسئول أو متصدر لخدمة الناس.

وتحت فكرة احترام المرجعية تم التفريق بين الحقائق والآراء، فليس هناك وجهات نظر فى الأمور التى تحتاج إلى تجربة وحس، وجهات النظر تكون فى معالجة رعاية شئون الأمة، وتكون فى مجال يحتمل الآراء، سواء من أهل التخصص أو كان من عموم الناظرين والكاتبين، ولابد أن يؤسس الرأى حتى يكون محترما على الفكر المستقيم، ولابد أن يتغيا أيضا النفع والصالح العام، فإذا خرج عن الفكر المستقيم أو تغيا الشر والفساد، فهو مردود على صاحبه مهجور يجب اجتنابه.

يبدو أن هذه الحقائق البسيطة المتفق عليها يصعب على كثير من الناس اتباعها، ولا يستطيعون إلا أن يسيروا فى غيهم الفكرى بصورة قميئة تفقد مصداقية الكلمة وينهار معها أسلوب الخطاب.

إن الإصرار على اتباع التفكير المعوج الغثائى والتدخل فى التخصصات المختلفة بصورة تجمع بين الجهل وبين الكبر، يجب أن تحارب بصورة منتظمة ابتداء من مناهج التعليم وانتهاء بالإعلام حتى نعود إلى الأمل فى تغيير حالنا «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، ويجب أن نعلم جميعًا أن الفقه الإسلامى علم من العلوم عرّفه العلماء بأنه: «العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية، وهو علم له مسائله وله مناهجه وله أدواته وله مساقاته الدراسية، وله مدارسه الفكرية، وله علومه المساعدة، وله فوائده ونتائجه، وأنه ليس سبيلا يرده كل من أراد أو فكر دون اعتماد على ذلك العلم، هو علم لا يعرف العنصرية ولا يريدها، فكل ذكر أو أنثى وكل أبيض أو أسود له أن يخوض طريق ذلك العلم، ولكن لا يجوز له بأى حال من الأحوال أن يتعدى حدوده وأن يقول فيه ما ليس له أن يقول.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد نعيم

الي \ شوقي علام وجميع مشايخنا الافاضل

عدد الردود 0

بواسطة:

سلامة بدوى

حصص التربية الدينية فى المدارس المصرية

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة