التنين الصينى يستقبل السيسى الثلاثاء بالتوقيع على وثيقة الشراكة الإستراتيجية الشاملة.. بكين والقاهرة اتفقتا سياسياً ويبحثان التوافق الاقتصادى.. الصين ساندت الحكومة المصرية بعد 30 يونيو

تأتى الزيارة التى يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسى الرئيس المصرى بعد غد الثلاثاء لاستكمال بناء العلاقات التاريخية بين مصر والصين، حيث سيتم خلالها التوقيع على عدد من الإتفاقيات فى المجالات المختلفة، مثل وثيقة الشراكة الإستراتيجية الشاملة، واتفاقية إطارية للتعاون فى مجال الطاقة، واتفاقية إطارية للتعاون فى مجال الفضاء، والبرنامج التنفيذى للتعاون الثقافى بين مصر والصين للأعوام 2015-2017، واتفاقين لإقامة مشروعين أولهما لإنشاء محطة تحلية لمياه البحر والأخرى لإقامة محطة للطاقة الشمسية بقوة 50 ميجاوات، محضر أعمال اللجنة التجارية المشتركة، فضلا عن عدد من الاتفاقيات التجارية على مستوى القطاع الخاص.

وسيتم التوقيع على مشروع للبيان المشترك بشأن إقامة العلاقات الإستراتيجية الشاملة من قبل الرئيسين المصرى والصينى خلال الزيارة، ويشمل مشروع البيان الخاص بإقامة العلاقات الإستراتيجية الشاملة التعاون فى ستة مجالات هى: المجال السياسى، والمجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، والمجالات العسكرية والأمنية، والمجالات الثقافية والإنسانية، ومجالات العلوم والتكنولوجيا، وأخيراً الشئون الإقليمية والدولية.

وتأتى أهمية الزيارة الرئاسية للصين حيث ساندت الصين الحكومة المصرية من الناحية السياسية بعد 30 يونيو ومع إجراء الانتخابات الرئاسية فى مايو 2014، وتشكيل حكومة دائمة فى مصر، وأدت الأحداث الإرهابية المتكررة التى شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة جعل الصين أكثر تفهما للأوضاع فى مصر ودعمها لجهود الحكومة المصرية للتصدى للإرهاب وأعمال العنف، وأعرب الجانب الصينى عن دعمه واحترامه لخيارات الشعب المصرى بعد ثورة 30 يونيو ورفضه للتدخل الأجنبى فى شئون مصر الداخلية، ومع استقرار الأوضاع فى مصر شهدت العلاقات بين البلدين زخماً إيجابياً فى الفترة الماضية كان أبرز ملامحها توقيع شركة "تيدا" الصينية التى تتولى تطوير وتنمية مشروع المنطقة الاقتصادية المصرية الصينية الخاصة بشمال غرب خليج السويس على الاتفاق النهائى لتطوير المنطقة فى يناير 2014.

وتعود العلاقات بين الجانبين إلى 30 مايو 1956 حين أنشأت مصر كأول دولة عربية وإفريقية علاقات دبلوماسية كاملة مع الصين الشعبية، وقد مثل إعلان الجانبين إبرام الشراكة الإستراتيجية فى 1999 تحولاً نوعياً فى العلاقات وهو ما ساعد على تشكيل آلية الحوار الإستراتيجى بين وزيرى خارجية البلدين، وبين وزير خارجية الصين ووزراء الكهرباء والتعاون الدولى والصناعة والتجارة، والاستثمار والتى عقدت آخر جولاتها فى أغسطس 2014 فى القاهرة، وهو ما رفع مستوى العلاقات خلال تلك الفترة فى كافة أوجه التعاون بين البلدين وخاصة سياسيا، حيث وثق البلدان قنوات التنسيق فى المحافل الدولية وتبادل الرأى بشأن القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

أهم الزيارات بين مصر والصين فى عام

وشهدت الفترة الأخيرة سعيا مصريا لتعزيز علاقات التعاون مع الصين خاصة فى المجال الاقتصادى والفنى لمعالجة العجز التجارى المزمن (بلغ حجم التجارة 10 مليارات دولار، لا تتجاوز صادرات مصر ضمنها 1.9 مليار دولار، كما لا تتجاوز استثمارات الصين فى مصر 400 مليون دولار)، وهو ما تجاوبت معه الصين بعدة خطوات منها تقديم منحتين ماليتين متتاليتين عقب ثورة يناير وأخرى فى هيئة 700 سيارة شرطة لدعم جهود استعادة الأمن، والانتهاء من مشروع مجمع للأسمنت بسيناء والذى ينتج 7% من إنتاجنا الوطنى.

وقام وفد استثمارى برئاسة أشرف سالمان وزير الاستثمار المصرى بزيارة للصين فى الفترة من 9 إلى 12 سبتمبر 2014، بهدف زيادة مجالات التعاون الاقتصادى والاستثمارى بين البلدين، وعرض المشروعات الاستثمارية فى مصر التى يمكن للجانب ى المشاركة فيها، وعقد عدداً من الاجتماعات مع المسئولين الصينيين، بالإضافة إلى عقده اجتماعات مع ممثلى كبرى مؤسسات التمويل والشركات الصينية التى تعمل فى مجالات متعددة مثل الصناعة والطاقة الشمسية والتشييد والسكك الحديدية.

وقد أعقب ذلك زيارة هامة / Meng Jianzhu، عضو المكتب السياسى باللجنة المركزية بالحزب الشيوعى الصينى وأمين اللجنة السياسية والقانونية باللجنة المركزية للحزب إلى مصر (بدرجة تعادل نائب رئيس الوزراء) فى الفترة من 19-23 نوفمبر 2014، التقى خلالها بالرئيس وعبد الفتاح السيسى ورئيس الوزراء إبراهيم محلب ووزير الخارجية سامح شكرى ورؤساء الجهات الأمنية، حيت تركزت تلك الزيارة على مناقشة سبل التعاون الأمنى ومكافحة الإرهاب.

وقام كل من وزراء الكهرباء والطاقة المتجددة، والتعاون الدولى، والتجارة والصناعة، والنقل، بزيارة إلى الصين خلال الفترة من 8-12 ديسمبر 2014 للتحضير للزيارة الرئاسية التى تتم فى الفترة من 23-24 ديسمبر 2014.

كما قام "وانج يى" وزير خارجية الصين بزيارة لمصر فى أغسطس الماضى وتم عقد الجولة الثانية من الحوار الإستراتيجى المصرى/ الصينى، تزامناً مع الاحتفال بمرور خمسة عشر عاماً على إبرام اتفاقية الشراكة الإستراتيجية فى عام 1999، والذى كان متوقفاً منذ فترة طويلة، وشارك فى جولة الحوار من الجانب المصرى وزير الخارجية ووزراء الصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والتعاون الدولى، والاستثمار، بالإضافة إلى ممثل عن هيئة قناة السويس، حيث قدم السادة الوزراء شرح بشأن المشروعات الكبرى المطروحة من وزارتهم على الجانب الصينى للتعاون، فضلاً عن الإصلاحات والتعديلات على القوانين المحفزة للاستثمارات فى القطاعات المختلف.

كما قدم ممثل هيئة قناة السويس عرض لمشروع القناة الجديدة والتوسعات المطروحة على الممر الملاحى والمشروعات التى ستطرح للتعاون مع الجانب الصينى، وقد أبدى وزير خارجية الصين ترحيب بلاده بالتعاون مع مصر فى العديد من المجالات والمشروعات الهامة وخصوصاً مجالات الكهرباء والطاقة، النقل والسكك الحديدية، فضلاً عن التعاون فى المشروعات المطروحة لتنمية الممر الملاحى لقناة السويس، حيث تم الاتفاق خلال الزيارة - على الارتقاء بمستوى العلاقات إلى الشراكة الإستراتيجية الشاملة، ومن المتوقع أن يتم التوقيع على البيان المشترك بشأن الارتقاء بالعلاقات الثنائية خلال الزيارة الرئاسية.


أهم المشروعات الصينية فى مصر

من أهم المشروعات الصينية فى مصر مشروع المنطقة الاقتصادية المشتركة المصرية/ الصينية بشمال غرب خليج السويس، حيث تتولى شركة "تيدا" الصينية تطوير هذه المنطقة بالتوقيع النهائى على عقد التطوير فى يناير 2014، وهناك اتفاق بشأن إنشاء خط سكة حديد (السلام – الروبيكى - العاشر – بلبيس) بين وزارة النقل وشركة AvicIntl الصينية من على أساس نظام التصميم والإنشاء والتنفيذ، وتوفير مقترحات للإدارة والتشغيل بالإضافة إلى التمويل من خلال بنك تنمية الصادرات الصينى .

وهناك مشروع بناء مصنع ضخم لإنتاج الأسمنت بمدينة العريش، قامت بإنشائه شركة SINOMA ويبلغ إجمالى إنتاج هذا المصنع نحو 3,2 مليون طن وهو ما يشكل نحو 7% من إجمالى إنتاج الأسمنت فى مصر، وطبقاً للعقد الموقع بين الجانبين ستقوم الشركة الصينية بإدارة المشروع لمدة 3 سنوات قادمة، التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء أكبر مصفاة تكرير فى مصر، بطاقة تبلغ 15 مليون طن سنوياً (تمثل 40% من طاقة التكرير فى مصر) تضاف إليها 15 مليون طن أخرى، بحيث يكون المشروع بنظام BOT وتؤول ملكيته إلى مصر بعد 25 عاما.

وشهد نهاية عام 2012 تدشين أول حفار بحرى صينى مصرى لصالح شركة "سينو ثروة"، كما تم التوقيع فى مايو 2012 على عقد بقيمة 120 مليون دولار تقوم بموجبه شركة Brilliance بتجميع وإنتاج السيارات فى مصر، وتم الانتهاء من المبنى الرئيسى بالمنطقة الاقتصادية بشمال غرب خليج سويس بقيمة إجمالية 20 مليون دولار كمنحة لا ترد .

وقدمت الحكومة الصينية منحة لوزارة الداخلية المصرية تتألف من 700 سيارة شرطة تم تسليمها، وتدشين مركز صينى بقناة السويس بقيمة إجمالية تصل إلى 5 مليون دولار أمريكى لتنمية المصايد السمكية، ووقع السفير الصينى بالقاهرة ومحافظ الأقصر فى مايو 2013 على عقد إنشاء منتزه على الطراز الصينى بالأقصر بقيمة 7 مليون دولار أمريكى.

وتم افتتاح مدرسة صينية بمدينة 6 أكتوبر من خلال منحة بقيمة 100 ألف دولار، تقوم بتدريس اللغة الصينية كلغة ثانية، ومشروع لأعلاف الدواجن بمدينة السادات برأس مال 10 ملايين دولار ، ومصنع للخمائر والعجائن فى مدينة بنى سويف برأسمال 75 مليون دولار، ومصنع الألياف الزجاجية فى العين السخنة وتبلغ تكلفة المرحلة الأولى منه 223 مليون، وتعمل كل من شركتى Huawei وZTE فى قطاع الاتصالات المصرى بالتعاون مع شركات المحمول .

التعاون الفنى

هناك تعاون فنى بين مصر والصين حيث يتعاونان فى مجال تكنولوجيا الفضاء، وذلك من خلال مشاركة الأكاديمية الصينية لتكنووجيا الفضاء CAST، فى تنفيذ مشروعى القمر الصناعى المصرى EGY SAT 2، وإنشاء وتجهيز مركز لتجميع واختبار الأقمار الصناعية الصغيرة بالتعاون مع الهيئة المصرية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، وهى المشروعات التى يتطلع الجانب المصرى لتمويل جزء منها من خلال المنح الصينية لمصر.

وأطلق الرئيس الصينى مبادرة لإحياء طريق الحرير البحرى والبرى لتعزيز حركة التجارة والاستثمار والتعاون الثقافى بين الشعوب على طول طريق الحرير، فى هذا الإطار تبدى الصين اهتماماً بالغاً بمشروعات تطوير البنية التحتية فى محور قناة السويس، فى ضوء الاعتبارات المتعلقة بالموقع الجغرافى المتميز للقناة والموانئ المصرية بشكل عام، وذلك لتعزيز حركة التجارة والاستثمار والتعاون الثقافى بين الشعوب على طول طريق الحرير، حيث تعد قناة السويس ركناً أساسياً فى هذه المبادرة باعتبارها معبراً للتجارة الصينية مع دول أوروبا وشمال إفريقيا.

العلاقات الإقتصادية الثنائية

تشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين تطوراً ملحوظاً، حيث وصل حجم التجارة إلى 10 مليارات دولار بنهاية العام 2013، رغم وجود عجز كبير فى الميزان التجارى لصالح الصين، وتتمثل أهم الاستثمارات الصينية فى مصر فى المنطقة الاقتصادية لشركة TEDA فى منطقة العين السخنة، ومصنع الألياف الزجاجية فى العين السخنة، وهناك عدد كبير من الشركات الصينية تسعى للاستثمار فى تلك المنطقة.

وتوجد أيضاً استثمارات صينية فى قطاع البترول، حيث تمتلك شركة سينوبيك الصينية حوالى 30% من أسهم شركة أباتشى الأمريكية فى مصر، مشيراً إلى أن الشركة ستقوم باستثمار 1,3 مليار دولار العام القادم من بينها 400 مليون دولار استثمارات صينية، وتقوم الشركة بأعمال التنقيب والحفر فى آبار بالصحراء الغربية.

ونجحت الصين فى الحصول على 100% من أسهم شركة لافيجاس اليونانية للبترول فى مصر بقيمة 700 مليون دولار، والتى تقوم بأعمال حفر وتنقيب فى منطقتين بالصحراء الغربية ومنطقة أخرى بالصحراء الشرقية، وتعد استثمارات شركة هواوى فى مجال الاتصالات من أهم قطاعات الاستثمار، حيث قامت بفتح مكتبها الرئيسى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى مصر، وتوظف أكثر من 1000 عامل من مهندسين وفنيين مصريين، كما أنها تقوم بإعادة استثمار أرباحها فى مصر، حيث قامت باستثمار حوالى 30 مليون دولار من أرباحها لبناء أبراج اتصالات.

وهناك العديد من شركات السيارات التى تستثمر فى مصر لإنتاج سيارات بالإضافة إلى الحافلات، والتى تقوم بتصدير منتجاتها إلى دول أفريقية وعربية، الإضافة إلى السوق المحلى المصرى، وتستورد الصين الرخام من مصر، حيث إن 70% من صادرات الرخام المصرى يتم تصديرها إلى الصين، وأن ذلك يتم بعد إتمام عمليات استخراجها وتصنيعها، وأن الرخام المصرى أصبح له سمعة طيبة وكبيرة فى الأسواق الصينية، كما أن العام 2014 شهد صادرات من الرخام المصرى إلى الصين بحوالى 150 مليون دولار.

ويهتم الجانب الصينى أيضاً بمجال الطاقة الجديدة والمتجددة فى مصر، وخاصة توليد الطاقة من الفحم ومن الرياح والطاقة الشمسية، خاصة أن مصنع الألياف الزجاجية فى العين السخنة بصدد دراسة إنتاج المواد الأولية المستخدمة فى معدات توليد الكهرباء من الرياح لتصدير جزء منها إلى الخارج واستخدام بعضها محلياً لتوليد الطاقة فى عدد من المحطات التى تعمل بالرياح فى مصر.


موضوعات متعلقة
الرئيس السيسى يبدأ الثلاثاء زيارته للصين.. وجدول الأعمال يتضمن التوقيع على وثيقة الشراكة الاستراتيجية الشاملة.. واتفاقيات فى مجالات الطاقة والفضاء.. وإنشاء محطتى تحلية مياه وطاقة شمسية