أكرم القصاص - علا الشافعي

استقطاب سياسى جديد فى تونس بين أنصار السبسى والمرزوقى

الجمعة، 28 نوفمبر 2014 03:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على مدى شهر آخر ستعيش تونس حالة من الاستقطاب السياسى بعدما انتهت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية إلى جولة إعادة بين الرئيس الحالى المنصف المرزوقى الذى حصل على %34 من أصوات الناخبين، ومرشح حزب نداء تونس الباجى قايد السبسى الذى أنهى الجولة الأولى متفوقاً على الجميع بحصوله على %39 من الأصوات، لكنه لم يحسم المنافسة لفشله فى الحصول على %50+1 من نسبة المصوتين.

رغم التفوق الواضح للسبسى فإن الجولة الثانية للانتخابات لها قواعدها الخاصة التى لا يستطيع أحد التكهن بنتيجتها، فالمترشحان يدخلان الإعادة بحظوظ متساوية وستعمل عوامل عدة على ترجيح كفة أحدهما من بينها الدعم المباشر من أحزاب خسر مرشحوها بالجولة الأولى أو لم تتقدم بمرشح على غرار حركة النهضة.

وبالنظر إلى خريطة تصويت الأحزاب التى خسر مرشحوها فى الجولة الأولى سنجد أن الجبهة الشعبية «15 مقعدا فى الانتخابات التشريعية الماضية» والتى تضم خليطا من الأحزاب اليسارية والقومية لن تدعم المنصف المرزوقى ولم يوضحوا ما إذا كانت ستدعم السبسى أم ستقف على الحياد، وبالتالى فإنها ستظل جبهة مفتوحة أمام السبسى للتفاوض معها، وربما يدخل ضمن هذا التفاوض منح الجبهة مقاعد وزارية حال التوافق على رزمة متكاملة من التعاون فى البرلمان والحكومة والرئاسة، وقد يعمل السبسى على التفاوض أيضا مع سليم الرياحى «مرشح الاتحاد الوطنى الحر - 16 مقعدا فى التشريعية» الذى قال إن حزبه سيجتمع الأسبوع المقبل ليقرر بشأن من سيدعم فى جولة الإعادة. فى المقابل من المفترض أن يحصل المرزوقى على دعم أحزاب خسر مرشحوها فى الانتخابات التشريعية والرئاسية معا على غرار حزب التكتل والحزب الجمهورى وهما من التوجه الديمقراطى الاجتماعى نفسه الذى ينتمى إليه المرزوقى.

تبقى حركة النهضة على موقفها الغامض، فالحركة التى تملك 69 مقعدا فى المجلس التشريعى القادم وتحتل المرتبة التالية لنداء تونس قال رئيسها راشد الغنوشى، إن مجلس شورى الحركة سيعقد اجتماعا ليقرر ما إذا كان سيدعم أحد المتنافسين فى جولة الإعادة، لكن من المؤكد ألا تعلن الحركة دعم أى من المرزوقى أو السبسى بشكل علنى، لكنها فى السر ستوجه أنصارها نحو التصويت للمرزوقى الذى أبدى تناغماً مع النهضة فى إطار الترويكا الحاكمة.

إذن تونس مقبلة على صفقات وتحالفات سياسية ستحدد رئيسها القادم، لكن على الهامش سيظل التراشق ما بين المرشحين قائماً، فالمرزوقى سيواصل اللعب على وتر الثورة ومحاولة إقناع التونسيين أنه الضامن الوحيد لمواجهة ما يُسميه بالثورة المضادة أو عودة نظام زين العابدين بن على، ممثلاً فى السبسى الذى فاز حزبه بالأغلبية فى الانتخابات التشريعية، وهو ما تنفيه حملة السبسى التى ترى أن مرشحها الأقدر على تسيير شؤون الدولة بحكم خبرته وتمكنه مما يسميه بفرض «هيبة الدولة»، كما أن حملة السبسى تنطلق من الأخطاء التى تمت فى عهد «الترويكا» حزب حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطى من أجل العمل والحريات، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، كما أنهم يعولون على الأخطاء التى ارتكبها المرزوقى وقت رئاسته لتونس عقب ثورة الياسمين، وتحديداً الأخطاء التى كادت أن تكلف تونس قطع العلاقات مع دولة كبيرة مثل مصر بعدما سار المرزوقى فى اتجاه النهضة الإخوانى وهاجم ثورة 30 يونيو من تحت قبة الأمم المتحدة العام الماضى، لولا تدخل السياسيين والدبلوماسيين التونسيين لإصلاح ما أفسده رئيسهم.

اللافت فى الانتخابات الرئاسية بتونس أنه رغم اقتراب منصب الرئاسة من الدرجة الشرفية، لكن هناك تعويلا على زيادة صلاحياته خلال الفترة المقبلة خاصة أن الرئيس القادم منتخب وليس معيناً بالتوافق بين القوى السياسية كما حدث مع المرزوقى.

فرئيس الدولة فى تونس وفقاً للوضع الحالى لا يملك الصلاحيات التى كانت له سواء فى عهد الرئيس بورقيبة والتى زاد من تعزيزها خلفه زين العابدين بن على، فوفقاً للدستور الجديد انتقل مركز القوة من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الحكومة، لكن مع ذلك بقيت لساكن قرطاج الرمزية وقيادة الجيش وصاحب الأولوية فى رسم السياسة الخارجية، وصلاحية حل البرلمان، وكذلك القدرة على إعلان حالة الطوارئ.
حتى إذا لم يحدث تغيير فى هذه الصلاحيات، فإن ما لديه من سلطات حالية تمكن رئيس الدولة القادم من أن يكون عنصرا مؤثرا فى تنظيم شؤون الدولة والضامن للحريات وحماية الاستقرار السياسى، وإذا تمكنت تونس من اجتياز هذا السباق بأمان فإنها تكون قد قطعت خطوة نوعية مهمة نحو تأسيس نظام سياسى ديمقراطى مستقر نسبيا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة