أكرم القصاص - علا الشافعي

كرم جبر

شهيد «حد الحرابة»!

الخميس، 04 أبريل 2013 08:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حتى لو كانت القلوب من حجر، فسوف تبكى دماً على الشاب الذى قتلوه فى قرية «الجندية» مركز «بلبيس» شرقية، التى خرج أهلها ليذبحوه من رقبته كالشاة، ويسحلونه وقطعوا رجله وذراعه من خلاف، ثم علقوه فى شجرة وأشعلوا النار فى جسده، ووقفوا يهللون ويكبرون ويستلذون ويستمتعون ويصورون الجريمة الهمجية الوحشية بالموبايلات، ويسجلون هذا النصر المبين ليشاهده أبناؤهم وأحفادهم فيفخرون بهم ويسيرون على نهجهم، فقد نفذوا «حد الحرابة» بناء على فتوى أكثر إجراما من وحش بشرى ينسب نفسه للإسلام، والإسلام برىء من أمثاله إلى يوم الدين.. ثم اتضح أن الشهيد المسكين الذى قتلوه غدرا مريض نفسى خرج من بيته لإحضار علاجه، ووقف يستريح بجوار إحدى السيارات، فصاح بعض الصبية «حرامى.. حرامى.. إمسك حرامى»، فجرى من الخوف وجروا خلفه بعد أن انضم إليهم العشرات.. قفز فى الترعة، قفزوا خلفه وحملوه إلى ساحة القرية للتمثيل بجثته.
أغرب ما فى هذه القصة المؤسفة أنها تجد من يدافع عنها ويبررها ويشجع عليها، والغريب أن معظم تعليقات المواقع الإلكترونية تشجع هذا الأسلوب للتعامل مع البلطجية والخارجين على القانون، وتزعم أن الجرائم تراجعت معدلاتها بعد تنفيذ القصاص الشعبى، وتلقى باللائمة على ضعف الشرطة وعدم مقدرتها على تحقيق الأمن وملاحقة الجناة، فيضطر الناس لأن يأخذوا حقهم بأيديهم وينفذوا الحكم الشرعى، ولكن لم يسأل أحد نفسه: أليس ممكنا أن يدفع شخص برىء حياته ثمنا لوشاية أو شبهة أو مكيدة دون أن تترك الغوغائية فرصة للتحقق من براءته، كما حدث مع الشاب الشهيد المريض نفسيا!.
أما الظاهرة التى تحتاج لعلماء النفس فهى التغيير الذى اقتحم الشخصية المصرية التى كان معروفا عنها كراهية العنف والقتل والدماء، فأصبحت الآن تستمتع بالذبح والشى والتقطيع، ويلتف حول الجثث المشوهة الرجال والنساء والأطفال وكأنهم يشاهدون «حاوى القرية» يستعرض مهاراته، ولا يهم عدد القتلى مثلما فعل أهالى قرية «بندف» الذين قتلوا أربعة أشخاص دفعة واحدة، اتهموهم بأنهم لصوص سيارات وسحلوا جثثهم بسيارة نصف نقل فى شوارع القرية وسط الزغاريد والتكبير والتهليل، و«زفة» الجثث التى تتصاعد منها رائحة الدخان فى موكب يشارك فيه الجميع.
الشىء الأخطر هو اضمحلال هيبة الدولة وانهيار سلطة القانون، وسيادة ثقافة البلطجة والهمجية والفتونة والثأر والتشفى والانتقام، وإذا كان الناس قد نصبوا أنفسهم قضاة وجلادين، فلماذا اللجوء إلى الشرطة والذهاب إلى المحاكم والنيابات؟، إذا كان متاحاً إصدار الأحكام فورا وتنفيذها على قارعة الطريق فلماذا اللجوء إلى الدولة أصلا!.
وإذا كان القتلة الأشرار مجموعة كبيرة أو قرية خرج نصف سكانها لسحل بلطجى أو بعض اللصوص وتقطيع جثثهم وتعليقها على أعمدة الإنارة كما يحدث فى الشرقية، فلن تستطيع شرطة ولا مباحث ولا داخلية أن تصل إليهم، وإذا حبست النيابة متهما يتم حصار قسم الشرطة وإخراجه بالقوة.
أما الكارثة الكبرى فهى أن تأخذ تلك الجرائم البشعة مسحة دينية وتروج لمفاهيم خاطئة عن عقوبة «حد الحرابة» بين البسطاء، عن طريق بعض الأدعياء المتشددين الذين يسيئون إلى الإسلام، فيعتقد القتلة المجرمون أن الدماء التى تلطخ أيديهم وملابسهم ليست حراماً، وأنهم ينفذون شريعة الله ويقيمون عدله، دون أن يقول لهم شيوخ التشدد إن دم المسلم حرام وماله وعرضه حرام، وإن الذى ينفذ القانون ويقيم العدالة هو الدولة والقضاء، وليس المتسكعون على قارعة الطريق، وأن الناس لا يؤُخذون بالشبهات والمظنات والاتهامات المرسلة بل بالأدلة القاطعة والتحقيقات العادلة، فقلوب المصريين لم تعد كما كانت تكره العنف والدماء، بل متعطشة لما هو أكثر من ذلك، ولن يكبح جماحها إلا سيف القانون.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

mounir

مابلاش إنته يابتاع الحزن الوطني !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

عدد الردود 0

بواسطة:

اشرف المستكاوى

كلام بصراحه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة