أكرم القصاص - علا الشافعي

حنان شومان

حكاية مصر والنيل والدكتور زويل

الأحد، 09 سبتمبر 2012 06:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لو حكينا أيها السادة نبتدى منين الحكاية؟ ربما يجب أن تَبْدأ من عند الاسم الأخير فى هذا العنوان، وهو الدكتور زويل، وحكايته معى التى أظنها هى جزءًا من الحكاية مع كل المصريين، فمنذ سنوات صحا المصريون على خبر ترشح عالم مصرى - يعيش فى أمريكا - لجائزة نوبل عن أبحاثه واكتشافه للفيمتو ثانية، وأزعم أننى وأغلب المصريين لم نكن نعرف الرجل، ولا نعرف حتى قيمة الثانية فى الوقت حتى نعرف الفيمتو ثانية، ولكننا فرحنا وحفظنا اسم العالم المصرى المهاجر لبلاد العم سام، واعتبرنا الجائزة التى حصل عليها والتى تحسب لأمريكا ومَعَاملها هى جائزة تخصنا أكثر من أمريكا.

ومصر والمصريون فى زمن الهزائم دائمًا ما يتباهون حتى لو كان بشعر بنت أختهم، وزاد فخرنا وحبنا للعالم المصرى حين حضر لمصر فى زيارات متعاقبة وظهر فى الإعلام كرجل شديد التواضع ومتحدث محبب للنفس حتى أصبح حلم كل أب وكل أم أن يروا أبناءهم فى يوم ما مثل زويل.

وتكررت زيارات العالم الكبير للبلد الأم، ما جعلنا نشعر بأن فخرنا بالرجل فى محله رغم أن نوبل محسوبة حين حصل عليها لأمريكا ومَعَاملها وجامعاتها، بل بدأ الحلم يراود الجميع فى إمكان تحقيق طفرة علمية فى مصر، حين عرض الرجل فى وسائل الإعلام حلمه بإنشاء مدينة علمية، وقابَلَ مبارك آنذاك، وراحت الأخبار تتواتر بقرب تحقيق الحلم، ولكن كانت مجرد أخبار، ولم يتعدَّ الأمر ذلك، بل قيل وقتها: إن البيروقراطية العتيدة وعدم الاهتمام بالعلم والعلماء طفَّشَا الرجل وذهب لتحقيق أحلامه فى قطر.

ولكن ظل زويل على علاقة بمصر وصار له مسئول إعلامى يورد أخباره وصوره ومؤتمراته وتكريماته عبر العالم إلى المصريين الذين أحبوه، وللحق كنت أرى أحيانًا إفراطًا فى ظهوره الإعلامى، بل تعدى الأمر ذلك، فقد شعرت بأن العالِم الجليل بهرته أضواء مصر الاجتماعية والفنية وانبهار الناس ومشاهير الفنانين به فصار ضيفًا ووجهًا مألوفًا فى افتتاح فيلم أو افتتاح حفل، وإن لم أرَ ذلك فى حينه نقيصةً فى زويل بقدر ما رأيته نقيصةً فى مصر التى تستغل العلماء اجتماعيًّا وليس علميًّا، وفسرته أيضًا بأن زويل فى أمريكا مجرد عالم بين آلاف العلماء، لا تسعى مثلاً أنجلينا جولى لالتقاط صورة معه، ولا تجرى وراء لقائه أوبرا وينفرى، وبالتالى فقد وجد فى مصر ما يفتقده فى أمريكا، والعكس صحيح.

ولم أكن لأوجه لومًا أو انتقادًا لزويل فيما سبق ذكره، ولكن حين قررت أن أحكى فالشىء بالشىء يذكر، وحدثت ثورة يناير وأحداثها، ووجه زويل خطابًا للأمة المصرية، فبدا لى وقتها كما بدا لغيرى أن الرجل قرر، أو أشار عليه أحد بأن عليه أن يأخذ دورًا فى المرحلة الجديدة، ولم يكن بالتأكيد دور العالم؛ بل دور السياسى، وبالفعل بدأ الحديث من هنا ومن هناك عن إمكانية أن يرشح زويل نفسه للرئاسة، ولكن جنسيته الأمريكية حالت دون ذلك.

ولم يكن زويل كما بدا يمكن أن يخرج من المشهد المصرى المرتبك، فدار مرة أخرى الحديث عن المدينة العلمية وضياعها بسبب فساد نظام هوى، فخرجت فكرة المدينة العلمية والجامعة، وهنا يتقاطع اسما "مصر" والنيل" مع اسم زويل، فمثلى مثل كل المصريين أو أغلبهم قرأنا خبر الموافقة على مدينة زويل العلمية التى تساءلت: لماذا تكون باسم زويل وليست باسم مصر وتُسمى قاعة مثلاً باسم العالم الجليل؟ ولم يكن هناك ما يفسر هذه التسمية بالنسبة لى على الأقل إلا رغبة فى تخليد وزعامة.

وهنا تظهر كلمة جامعة النيل التى لم يكن يعرف عنها أغلب المصريين إلا أنها مشروع طرحه رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، وبالتالى نالها من سوء السمعة والفساد ما نال العصر الذى ظهرت فيه، والحق أن جامعة النيل - لمن لا يعرف - جامعة مصرية أنشأتها مؤسسة ذات نفع عام، ووافق المجلس الأعلى للجامعات على تحويلها لجامعة أهلية، إذًا هى ملك للشعب، والأهم أنها مشروع علمى وتعليمى قائم منذ ثمانى سنوات، به عشرة برامج للدراسات العليا وستة مراكز بحثية، بالتعاون مع مراكز بحثية عالمية، وهى منظومة تعليمية اعتمدت على دعم المتفوقين بمنح دراسية كاملة، وتجذب أوائل الجامعات وتمنحهم راتبًا شهريًّا إضافة لمنحتهم الكاملة ليكونوا مساعدين فى الأبحاث، وخرجت أكثر من 50 باحثًا تخطَّفتهم الجامعات العالمية لدرجة الدكتوراه، هذه الجامعة المحترمة، حتى لو كان صاحب فكرتها هو الشيطان نفسه، لماذا يسطو على أرضها ومعاملها ويسحب تمويلها الدكتور العالم زويل، ويتم استنزاف العاملين بها وطلبتها لمدة 18 شهرًا ويتنازل بعضهم عن راتبه، ويأتى آخرون تطوعًا للمساعدة فى تعليم طلبتها، وتتقاعس هيئات كانت تدعمها انتظارًا لأمر الحكومة فى الوقت الذى تملأ الفضائيات إعلانات لجمع إعانات لجامعة زويل التى احتلت المكان؟.. لماذا؟

رجل عالم يحترم العلم والتعليم؛ لماذا يأتى ليهدم صرحًا قائمًا من أجل صرح يحمل اسمه، ويجمع مالاً من الشعب دعمًا لهذا الصرح، بينما هناك بالفعل جامعة قائمة كان يمكن أن يعتبرها نواة يبنى عليها ولا يهدمها؟.. لماذا؟ كل الإجابات للأسف ضد الدكتور زويل، بل أكاد أجزم بأن جينات زويل المصرية أصيلة رغم جنسيته الأمريكية، فهى تعود لعصر الفراعنة حين كان يأتى فرعون جديد فيهدم معابد سلفه ويبدأ فى بناء معابد أخرى، صفة اكتسبها الأبناء والأحفاد المصريون فى السياسة، ولكن هل يصح أن يكتسبها العلماء الذين يُعلمون الشعوب أن العلم سلسلة مترابطة بين الماضى والحاضر والمستقبل؟

يبدو لى كما لأىِّ عاقل دون تحيز أن الدكتور زويل نسى دور العالم والباحث الذى لا يمكن أن ينفرد بالمعمل ويحتاج لفريق عمل، ويسير على نهج الساسة المصريين "بتوع انسف حمامك القديم"، وإن كان الدكتور زويل كذلك فأين حكومة مصر المكونة فى أغلبها من أساتذة جامعة ورئيسهم، وهو شخصيًّا أستاذ جامعى؟ كيف يساهمون فى بداية عهدهم بإغلاق صرح علمى حتى لو كان فى مقابل آخر، وحتى لو كان من صنيع الأعداء من النظام السابق؟ وكيف يوافق المفتى رجل الدين والفيصل للأمة فى الحلال والحرام على أن يظهر فى إعلانات تروج لهدم صرحِ علمٍ؟ وسؤال أخير: بكم تبرع الدكتور زويل من أجل هذه الجامعة المزعومة؟ وهو سؤال من حقى كمصرية، فإذا قرر رجل - أى رجل - أن يردم النيل ومصر من أجل اسمه فعلىَّ أن أسأل: كم دفع؟ أم أن الهدم والبناء لهم؛ والدفع علينا نحن الشعب؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 8

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري

يجب تغيير اسم الجامعه

جامعه مصر النيل

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد محمود المالح كاتب سيناوى

التوازن

عدد الردود 0

بواسطة:

د.قدرى

هذة هى الحقيقة نعرفها قبل اعلان الراى

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود كمال

مع أحترامى لكل الأراء ولشخص الدكتور زويل فأنى أرى انه من الأفضل أن تكون مدينة زويل فى مكان

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرية جدا

اول مرة تكتبين مقالا مفيدا وجريئا وصادقا

عدد الردود 0

بواسطة:

د. ايهاب حمدى

اتمنى ان تشارك فى البناء لا الهدم.

عدد الردود 0

بواسطة:

رمضان مدنى

جامعة النيل جامعة خاصة

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب

مؤكد الدكتور زويل له تبريراته فى هذا الموضوع ولابد ان نسمعه قبل الحكم عليه

بدون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة