أكرم القصاص - علا الشافعي

تسقط سياسة الترقيع.. وتعيش عدالة القانون فى مواجهة الفتنة الطائفية

الخميس، 12 مايو 2011 11:31 م
تسقط سياسة الترقيع.. وتعيش عدالة القانون فى مواجهة الفتنة الطائفية العيسوى أثناء زيارته لموقع المعركة
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄هيبة الدولة ضاعت بسماحها لمجالس الصلح على حساب القانون فى جرائم قطع أذن مدرس قنا وهدم كنيسة «صول» وقطع طريق القطار
بعد ساعات من كارثة إمبابة التى سقط بسببها عشرات من القتلى والجرحى من المسلمين والأقباط، أعلن وزير العدل المستشار عبدالعزيز الجندى: «أن الحكومة تحذر كل من يهدد أمن مصر بأنه سيواجه بكل حزم»، وتلا الجندى فى المؤتمر الصحفى الذى عقده خصيصا لهذا الحدث المادتين 86 و86 مكرر، قائلا إن المادتين تستخدمان ضد كل من يستخدم العنف ضد الأفراد، أو الجماعات من الشعب الذين يعرضون من خلالها أمن وسلامة المجتمع للخطر، ومنها أيضا تهديد دور العبادة، والوحدة الوطنية، وأضاف أن الحكومة لن تطبق إجراءات وقوانين استثنائية، ولن تعود إلى تطبيق قوانين الطوارئ، وأن المتورطين سيحاكمون وفقا للقوانين العادية المنصوص عليها.

هذا الكلام من وزير العدل، جاء بعد أن نزفت الدماء فى معركة مرفوضة جرت على خلفية اتهام كنيسة مارمينا فى إمبابة، بخطف فتاة أسلمت تدعى أسماء محمد أحمد إبراهيم، وكان اسمها كمسيحية عبير طلعت خيرى، وبالرغم من أن كلام وزير العدل بتحذيراته، يأتى فى موعده، فإن الخوف أن ينتهى ما حدث إلى نفس أساليب الترقيع فى مثل هذه القضايا التى تؤدى إلى ضياع هيبة الدولة، وتكريس حالة الانفلات الأمنى التى بدأت منذ ثورة 25 يناير.

سياسة الترقيع التى شجعت الذين أقدموا على كارثة إمبابة، تعود بجذورها إلى ثلاثين عاما مضت هى حكم الرئيس السابق، والتى شهدت كوارث طائفية متعددة، كانت نتيجة طبيعية لسياسات النظام، وكنا نشهد الترقيع بترك حكم القانون، لصالح الجلسات العرفية التى تبدأ من قاع المجتمع، ويباركها أحيانا رجال الدين من الجانبين الإسلامى والمسيحى، صحيح أن هناك أحداث فتنة طائفية تمت إحالتها الى المحاكم، لكن إلى جانبها كانت هناك أحداث أخرى لم يتم فيها نفس الإجراء، وكانت تزداد اشتعالا بسبب عدم وجود معالجات سياسية واقتصادية حاسمة، مما ترتب عليه شعور بأن الحل فى الأزمات الطائفية يبدأ وينتهى بقرار من المسجد والكنيسة، كعلامة على أن رجال الدين هم الفيصل فى هذه القضايا.

وأدى ما سبق إلى سحب الكثير من هيبة الدولة، بالرغم من قوة الأمن الذى كان صاحب الكلمة العليا فى كل شىء، وبعد ثورة 25 يناير ترقب المصريون علاج مثل هذه الملفات بطريقة عكس ما كانت فى الماضى، بمعنى عودة الدولة إلى هيبتها، بجعل الجميع أمام القانون سواء، لكن الوقائع ذهبت إلى العكس من ذلك تماما، حيث تم الإبقاء على نفس أساليب المواجهة، والدليل يأتى من ثلاثة أحداث شهدتها مصر بعد الثورة، والحادثة الأولى فى قنا فى شهر مارس الماضى، وجرت مع أيمن أنور مترى، ويعمل «مدرس ثانوى»، حيث تم التعدى عليه بحرق سيارته وشقة يمتلكها ويؤجرها، وقطع أذنه، بالإضافة إلى قطع فى رقبته من الخلف، وتحرر محضر بالواقعة فى قسم شرطة قنا، وبين اتهام للسلفيين بالقيام بهذا البشع، ونفى منهم له بالقول إن قطع الأذن ليس من الحدود، تنازل مترى عن القضية، وبالرغم من رفض شيخ الأزهر للحادث وتأكيده على أنه يشوه الإسلام، لكن القانون لم يأخذ مجراه فيها، حيث تم حلها بالتصالح، فيما يعنى أن الذى ارتكب الجريمة هرب من العدالة باسم «التصالح»، ولم يبالغ رجل الأعمال نجيب ساويرس حين وصف مدرس قنا بـ«الأهبل» لعدم احتكامه إلى القانون، وإذا كانت الحكومة تنظر إلى مثل هذه الحلول على أنها تخرجها من دائرة الحرج، فإن تفريطها فى تطبيق القانون يؤدى إلى تشجيع تكرار مثل هذه الكوارث، ومن يرتكبها قد يرى أن المجالس العرفية والتصالح أدوات تؤدى به إلى الإفلات من القانون.

نفس الأمر تكرر وبطريقة مختلفة بعض الشىء فى محافظة قنا، فمع الاحتجاجات ضد تعيين محافظ قبطى لقنا، وخروج المظاهرات الرافضة للقرار، لكن الاحتجاجات تطورت إلى قطع طريق القطار، وافترش الناس القضبان، وعاشوا عليها عدة أيام، وهو ما أدى إلى خسائر اقتصادية فادحة، وكانت الدولة غائبة، ولم تواجه هذا التصرف بالحسم الكافى، وغيبت القانون كوسيلة مواجهة عادلة للجميع، وهو ما أدى إلى تشجيع الناس فى الاستمرار فى قطع الطريق، ورغم أن القضية انتهت بقرار عدم قيام المحافظ بعمله، فإن ما بقى منها هو إضافة مسلسل آخر سحب من هيبة الدولة، وإذا كان المتظاهرون لديهم الحق فى رفض محافظ لهم، فإن سحب الموضوع على أرضية طائفية باعتبار المحافظ مسيحيا، أدى إلى صب الزيت على النار فى علاقة المسلمين بالأقباط ليس فى قنا فقط، وإنما فى عموم مصر.

لم تكن قنا فقط هى المكان الذى شهد حادثين تم فيهما تغييب القانون، وإنما هناك أيضا حادث كنيسة قرية صول فى أطفيح، والذى تمت فيه إزالة مبنى الكنيسة بالكامل، وكانت هذه الكارثة هى الأكبر فى ملف الفتنة الطائفية بعد ثورة 25 يناير، وبالرغم من أن الجيش ورجال دين وسياسيين ومفكرين تدخلوا لتهدئة الأمور، وقام الجيش بإعادة بناء الكنيسة على نفقته، فإن القانون كان غائبا أيضا فى معالجة القضية، حيث لم تتم محاسبة من أقدم على هدم الكنيسة.

وقد يرى البعض أن حل مثل هذه القضايا بطرق ودية، هو سبيل صحيح حيث يعيش أطرافها مع بعضهم، وبالتالى فإن اللجوء إلى القانون الذى قد يؤدى بالسجن لمثيرى الفتنة، ربما يزعزع علاقة المسلمين بالأقباط، غير أن الرد على ذلك يأتى فى أن اللجوء إلى الترقيع يسحب من هيبة الدولة، وجعل الناس على درجة واحدة أمام القانون هو الضمان الأكبر للعدالة، ومن هذا المنطلق كان على وزير العدل أن يطلق ويطبق صيحاته التحذيرية عبر القانون فى كل حوادث الفتنة التى وقعت قبل كارثة إمبابة، ولو حدث ذلك ما حلت هذه الكارثة التى سحبت من رصيد الثورة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة