أكرم القصاص - علا الشافعي

كريم عبد السلام

ظلال الثورة (2)

الثلاثاء، 15 فبراير 2011 12:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا خلاف على أن ثورة 25 يناير لم تكن ثورة أى من التنظيمات السياسية الموجودة على الساحة، كما لم تكن ملكاً لهذا الناشط أو ذاك، فما ميزها وعمل على نجاحها، أنها كانت قاعدة بلا رأس، بلا قيادات ولا زعامات ولا متحدثين رسميين تستطيع أجهزة الأمن اجتذابهم أو إفسادهم أو كسرهم، كما جرت العادة فى كل صراع بين الأنظمة المسيطرة والثائرين عليها.

هذه الميزة الكبرى لثورة 25 يناير، ثورة العامة والخاصة، ثورة الصفوة والحرافيش صفوة الأحياء الراقية والعشوائيات، ثورة المركز فى القاهرة والأطراف فى السويس وبورسعيد وطنطا والمنصورة والمنيا وسوهاج والوادى الجديد، هذه الثورة الناجحة لأنها شعبية بامتياز وجديدة على إدراك أجهزة النظام وسدنته وأبواقه مازالت مربكة ومحيرة، كثيرون يفكرون بالطرق الأمنية التقليدية فى الاستيعاب والاحتواء والسيطرة، وأعنى رؤساء تحرير الصحف القومية ومقدمى عديد من البرامج، على القنوات المصرية.

رؤساء تحرير الصحف القومية الذين عادة ما يصعدون سلم المهنة على إيقاع أغنية العظيم سيد درويش "لجل ما نعلى ونعلى ونعلى لازم نطاطى نطاطى نطاطى"، قد تجد من بينهم من أفنى عمراً فى كتابة التقارير الأمنية فى زملائه، وتجدهم لا يعرفون وسيلة للتعبير إلا لشخص القائد الرئيسى، يكتبون لشخص واحد ويفكرون إذا فعلوا من أجله، ويعيشون لا لشىء إلا لاسترضائه واستمرار عطفه عليهم، هؤلاء الكتبة المجلوبون جلباً إلى مواقعهم كانوا أول اندلاع الثورة أشد تطرفاً وعنفاً من عساكر الأمن المركزى وضباطه الذين أمطروا الثائرين بالرصاص المطاطى والحى والقنابل المسيلة للدموع والمياه الكبريتية الحارقة، مع إظهار التقديس التقليدى للنظام ورأسه الرئيس السابق مبارك، ثم انقلبوا بعد انتصار الثورة "قارحين" فى تنكرهم لمواقفهم السابقة وإيغالهم فى الإهانة إلى النظام ورأسه الذى كانوا يعبدونه، وفى الحالتين لم يكن يحظى هؤلاء الكتبة بالمصداقية لدى الناس لأنهم ليسوا منهم ولا يتوجهون إليهم.

المربك والمحير أيضاً فى هذه الثورة الشعبية التى وحدت كل فئات المجتمع على مطالبهم، إنها قد تجرف بعض من شاركوا فيها إلى مواضع زعامة وهمية وأخطاء تكشف إلى أى حد نحن كبشر ضعفاء أمام سراب المجد وأضواء الشهرة الخادعة، أقول ذلك بمناسبة حديث الناشط وائل غنيم للبرنامج الأمريكى "60 دقيقة"، والذى أدلى فيه بتصريحات مغلوطة تناقض ما قاله لبرنامج "العاشرة مساءً" على قناة دريم المصرية، فبينما أكد للإعلامية منى الشاذلى أنه لم يتعرض لأى أذى عند اعتقاله خلال أيام الثورة، خرج فى "60 دقيقة" ليقول بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية ذات المصداقية العالية، إن الجنود كانوا يضربون باستمرار، وعند إطلاق سراحه قبل كل الجنود الذين ضربوه.

بداية، ندين ونجرم مسألة اعتقال مواطن شريف بدون جرم، واحتجازه دون عرضه على جهات التحقيق غير الاستثنائية، لكننا أيضاً لابد أن نتوقف أمام تناقض تصريحات غنيم لندرك ـ وكلنا شاركنا فى هذا العمل العظيم أى سراب خادع ينتظر المشاركين فى الثورة، أى اختبارات يمرون بها، وماذا لو رسبوا فيها، وما هى طرق إثراء وإغناء الثورة وما طرق هدمها والعياذ بالله!

أظن أن محاولات ركوب موجة الثورة على غرار السعى اليائس لإعلامى السلطة السابقة، أو الانصياع لإغراءات الإعلام الباحث عن أبطال لهذا الحدث العظيم بحكم آليات عمله التى تميل إلى الاختزال والشخصية، ليست الطريق الصحيح لإغناء الثورة، لأن إغناءها واستمرارها يبدأ بإنكار الذات والتأكيد على شعبيتها، ونقل زخمها الرائع إلى مجالات العمل، لإعادة بناء بلدنا، نعم الترفع عن النفاق الرخيص فضيلة قد لا يجد البعض إليها سبيلاً، نعم الترفع عن سراب المجد الزائف ميزة كبرى قد لا يستطيع البعض التحلى بها، لكن هناك أغلبية مدركة لطبيعة ثورة 25 يناير وقادرة بإذن الله على توجيه معناها وأهدافها إلى إعادة البناء، أو هكذا نأمل!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة