أكرم القصاص - علا الشافعي

عمرو جاد

ألوان السعادة

السبت، 24 يوليو 2010 11:46 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أنا وأنت نعرف جيدا أن سعادة الإنسان المصرى ليس لها معيار واحد أو حتى ميزان سوى، فلكل واحد منا أسباب سعادته الشخصية، ولكننا جميعا نشترك فى شىء واحد، وهو أن هذه الحياة الذى نعيش فيها تحمل لنا السعادة بقدر ما نحقق فيها من أمانى.. سأسألك الآن: ماذا حققت لنفسك اليوم؟ وهذا ليس سؤالا تحفيزيا على غرار "ماذا قدمت لدين الله"، كما كان يصرخ أحدهم طوال الوقت دون أن يوضح لى ماذا "أقدم لدين الله"، ولكن سؤالى يتلخص فى الكشف عن نواياك تجاه نفسك ومستقبلك، أنا عن نفسى لم أحقق شيئا بعد، وإن كنت ما أزال أحمل بعضا من الأمانى.

لا تدع حديثى هذا يزيدك كآبة فالتفاؤل قادم لاحقا، ولكننى أريد أن أتيقن أنك مثلى مكتئب حزين يائس تقف على حدود البؤس، فإذا كان توقعى صحيحا فكيف لى أن أصدق الاستطلاعات الأجنبية التى قالت: "إن مصر تحتل المرتبة الـ115 بين الدول السعيدة"، لا تجعل الرقم يخدعك "يكفيك أن تنظر إلى سائق المقاولون قاتل زملاءه والمذيع قاتل زوجته، والسياسيين قتلة الأحلام، والفساد قاتل التنمية، والكذب قاتل الأمل والفقر مزهق الأرواح"، عندئذ وبحسبة بسيطة لن تقتنع بأن هناك فقط فى العالم 114 دولة أكثر سعادة منك، قد تكون تلك النتيجة موجودة بالفعل، ولكن ليس فى مقياس سعادة الشعب المصرى، وإنما ربما فى قدرته على تحمل الحزن، والتغلب عليه بالنكت والسخرية، ربما لأنه يربط السعادة براحة البال وهو ما يحوله إلى كيان كسول إن وجد قوته شكر، وإن لم يجد صبر، أما إذا اختلفت معى فى كل ما سبق فبالتأكيد لن نختلف على أننا نستحق أكثر مما نحن فيه من سعادة "وفقا للترتيب العالمى".

أنا هنا لا أحرضك على رفض هذا الترتيب، ولكن ألست تتفق معى أن الإفراط فى تصديق مؤشرات السعادة يعيدنا إلى عهود الخطب الرنانة فى تليفزيون الريادة الذى يعتبر الآن أن مرور 50 عاما على إنشائه سببا كافيا للاحتفال، تلك الخطب التى كانت وما زالت تبشر بمستقبل سعيد للبلد وعمر مديد للشعب، ستقول لى "البلد دى أحسن من غيرها، وشربت من نيلها وجربت شمسها"، حسنا.. سأصدق أنك سعيد، ويكفينى أنك مقتنع بذلك.

كفانا حديثا عن السعادة وسأحدثك الآن عن الحزن وهو نجمى المفضل ليس لأننى سوداويا مغرقا فى الكآبة، ولكن لأنه أصدق تعبيرا من المشاعر الأخرى، كما أنه يبدأ ناعما بلا صخب وينتهى شفافا بلا شوائب، فيصقل معه الروح وإن اعتل الجسد، بينما تظل أهم صفة فى الحزن أنه دائما يعطيك دروسا وفوائد لأن كثيرا منه ينتج عن أخطاء، وإعجابى الشديد به ينبع من أنه يحمل لونا واحدا بينما هناك أكثر من لون للسعادة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة