أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد الدسوقى رشدى

أهلاوى.. ولا زملكاوى.. ولا مباركى؟

الجمعة، 14 مايو 2010 12:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الناس فى مصر تهوى على الدوام الربط بين الكرة والسياسة، بل عند بعضهم يقين كامل أن كل ما يحدث فى أمور الكرة المصرية هو مجرد رد فعل لرغبات سياسية.. ولذلك كان طبيعيا أن تظهر مصطلحات وجملا من نوعية أن النادى الأهلى هو نادى الحزب الوطنى، ولذلك يفوز دائما (الزملكاوية بيقولوا كده دايما بعد كل خسارة)، أو أن الدولة تستغل إنجازات المنتخب للتغطية على المشاكل التى يعانى منها الناس (وهذا صحيح باالفعل).. ثم يعودون بك إلى الماضى للتأكيد على وجهة النظر هذه حينما يخبرونك بأن الستينات كانت عصر الزمالك الذهبى، لأن المشير عامر والدولة كانت منحازة إلى النادى الأبيض، ويتحاكون بواقعة قيام المشير بحلق رءوس لاعبى الزمالك كعقاب على الخسارة وغيرها من القصص التى تنتهى بملخص واحد، هو أن الرياضة جزء من اللعبة السياسية أو أداة تحركها السياسة.. باختصار أصبحت هناك قناعة كبيرة عند قطاع عريض من الناس سواء أكانوا من النخبة أو أهل الشارع أن الكورة هى الأفيون الجديد للشعوب.. وأن الدين راحات عليه خلاص بعد أن سيطرت عليه أجواء المظاهر والطقوس..
ربما يكون بعض من السابق ذكره صحيح، وربما لا ولكن لماذا لا نفكر فيما هو أغرب؟ لماذا لا نفكر فيما هو مشترك بين الكورة والسياسة فى مصر؟
نظرة واحدة إلى الدورى العام هذا الموسم أو فى الأربع مواسم الاخيرة، وتحليل سريع لأبرز ظواهره ومشاكلة وأبرز الملاحظات عليه.. ستجدها مربوطة بشكل أو بآخر بما يحدث على الساحة السياسية أو الاجتماعية بشكل عام..
1- لا يمكن مثلا أن تفصل بين ما يحدث من اعتداءات وهجوم على الحكام وتجرؤ اللاعبين على قضاة الملاعب لدرجة أن شباب وصغار اللاعبين فى الدورى لا يخشون من ضرب الحكم مثلما فعل حازم إمام لاعب الزمالك.. لا يمكن أن تفصل ذلك عن تلك الحالة الغريبة التى يشهدها الشارع المصرى مؤخرا والتى تتعلق بتجرؤ الناس فى الشارع على الكبار، وأنا أقصد هنا الكبار اللى بجد يعنى انظر إلى صفحات الحوادث وقم بإحصاء حوادث ضرب الآباء والأمهات وقتلهم.. وانظر فى الشوارع والأتوبيسات إلى صغار السن كيف يتعاملون مع كبار السن الذين كان لهم فى الماضى كل الاحترام.
2- لا يمكن مثلا أن تفصل بين اختفاء فكرة المنافسة فى الدورى العام الذى أصبح محسوما دائما وبشكل مريح للأهلى وبين اختفاء فكرة المنافسة فى السياسة والأجواء الحزبية التى أصبح الأمر فيها محسوما وبشكل مريح للحزب الوطنى.. والأطرف أن الانتقادات التى يقولها خصوم الأهلى لتبرير ابتعادهم عن المنافسة تتشابه تماما مع الانتقادات التى تقولها الأحزاب والتيارات لتبرير فشلهم فى كسر شوكة الحزب الوطنى.. فرق الدورى الممتاز تحدثك عن الإعلام المساند للأهلى.. وعن الأموال المتوفرة للأهلى وعن الحكام الذين يخشون الأهلى... والأحزاب والتيارات السياسية تحدثك عن الإعلام الذى يسيطر عليه الحزب الوطنى.. وعن رجال الأعمال الذين ينفقون على الحزب الوطنى.. ولكن الفرق الوحيد هو أن حاكما واحدا فقط هو الذى يساند الحزب الوطنى.

3- ما بين الكرة والسياسية كثير من الأمور المشتركة حتى على المستوى الاقتصادى، فمثلا تشهد الكرة المصرية والدورى العام تراجعا كبيرا للأندية الشعبية، كثير منها يهبط وكثير منها يصارع من أجل البقاء فى مقابل صعود صاروخى وهجوم مكثف وتواجد أكثر لأندية الشركات، ويتبع ذلك حديث عن رأس المال وتوفر الفلوس التى تساعد على المنافسة.. فى نفس الوقت تشهد مصر تراجعا كبيرا للقطاع العام والشركات الحكومية الشهيرة مقابل استثمارات جديدة وشركات خاصة، ومقابل طغيان غير مسبوق لرجال الأعمال على الوسط السياسى..
4- هل يمكن أن يمر الأمر دون أن نربط بين انتشار ظاهرة شغب الملاعب وعودته بقوة فى شكل تكسير أتوبيسات وحرق مشجعين وشماريخ وبين ازدهار سوق البلطجة فى الشارع، بل وفى داخل الأحزاب والبرلمان الذى شهد عشرات المعارك بين النواب.
5- أيضا هناك ربط منطقى بين الشتائم الجماهيرية المتطورة وحالة السباب الجماعى التى أصبحت شعار كل مباراة وبين وصلات الردح السياسية التى نشاهدها الآن فى الصحف وبرامج التوك شو.
6- ظللنا لفترة طويلة نضرب المثل بانتخابات الأندية وكيف أنها واحة للحرية، ونموذج رائع للممارسة الديمقراطية النزيهة، ونقارن بينها وبين انتخابات السياسة، ونتمنى لو أننا نملك انتخابات برلمانية ورئاسية مثلها.. ولكن فى السنوات الأخيرة فوجئنا بمعارك فى انتخابات الأندية واتهامات بالتزوير ورشوة الناخبين وما حدث فى الزمالك أبرز مثال.

- نقطة أخرى بسؤال آخر يقول.. هل يكره أهل النخبة فى الثقافة والسياسة كرة القدم فعلا؟

محور آخر فى مسألة علاقة الكرة بالسياسة.. لماذا يخجل المثقفون وأهل النخبة فى مصر من الكرة؟ لماذا يتكلمون عنها دائما بأنها اللعبة التى تلهينا الدولة بها أو أنها اللعبة الشعبية العشوائية التى يشجعها العامة والغوغاء؟ صحيح أن بعض المثقفين برءوا نفسهم من ذلك الأمر، وأعلنوا عن انتماءاتهم ولم يستخدموا ألاعيب زمان حينما يكلمهم أحد عن الكورة فيقول، والله أنا مش بشجع حد معين أو أنا بشجع اللعبة الحلوة أو أنا زمهلاوى.. ثم ما الذى يفرق الكرة عن السياسة أصلا.. ولا حاجة وهذا يبدو واضحا فى النقاط التالية..

1- لا يعلب كرة القدم إلا الموهوب أو القادر على العطاء - صحيح أن الأمر تغير الآن، ولكن ليس بنسبة كبيرة -.. أما فى السياسة نشاهد رجالا بلا شخصيات ولا ثقافة ولا خلفيات يتصدرون المشهد، وأحيانا يقلبون الدنيا بتصريحات غير مسئولة (تصريح نشأت القصاص بخصوص ضرب المتظاهرين بالرصاص نموذج حى على ذلك).
2- اللعبة فى كرة القدم لها قواعد وقوانين وخطط ينبغى أن يلتزم الفريق بها حتى يضمن الفوز، أما السياسة فى مصر فهى بلا قواعد أصلا.
3- لجمهور كرة القدم قدرة على التأثير فى مجالس إدارات الأندية وجهور كرة القدم قادر على تغيير مجال الإدارات والمدربين واللاعبين أيضا.. أما جمهور السياسة فلا يملك تلك القدرة ولا يستطيع أن يفعل ذلك.
4- الكفاءة فى كرة القدم عامل مهم يعنى بقاء المدرب على الدكة أو اللاعب فى الملعب مرهون بإنجازاته، أما فى السياسة فالفشل لا يرتب أى مسئولية أو حساب.. عمرك شفت مسئول عندنا بادر أو استقال أو عمرك شفت الجمهور نجح فى إقالة مسئول كبير.
هل يمكن أن يحدث ذلك فى مصر؟
بعد انتهاء مباراة الديربى الشهير فى إيطاليا بين إنتر ميلان وإيه إس ميلان الذى يملكه بيرلسكونى رئيس الوزراء وفوز إنتر بالمباراة بدأ لاعبو الإنتر بالاحتفال وقام اللاعب الشهير الذى تسبب فى طرد زيدان فى واقعة النطحة الشهيرة ماركو ماتيرازى بلبس "ماسك" لرئيس الوزراء داخل الملعب، وقام بمشاهد تمثيلية أثناء الاحتفال.. وقال بعدها حينما سألوه ألم تخف من رئيس الوزراء قال: لقد كانت مجرد مزحة الديربى ولا شىء أكثر، وكذلك لم يكن للأمر أى علاقة بالجانب السياسى، وحينما سألوا بيرلسكونى عن ذلك ضحك..









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة