أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد الدسوقى رشدى

قانون الطوارئ والتبول الإرادى!

الأربعاء، 12 مايو 2010 04:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكثر المتفائلين على وجه أرض مصر المحروسة لم يكن يتوقع أو حتى يفكر بأن يتم إلغاء قانون الطوارئ، ليس فقط لأننا لم نعد نصدق الدولة أو نتفاعل مع وعودها الكاذبة، ولكن لأننا على يقين من أن نظاما حاكما لا يحظى بحب جموع الناس لا يمكن أن يعيش بدون درع واقع يحميه من الناس، وبالنسبة للنظام الحاكم قانون الطوارئ هو الدرع والسيف.. الدرع الذى يغلق به الشوارع حينما يقرر الناس الخروج إليها للصراخ والتعبير عن غضبهم، والسيف الذى يضرب به هؤلاء الذين تخيلوا أن بمقدرتهم معارضة النظام أو التفكير فى إسقاطه.. ولهذا سنظل جميعا رهن قانون الطوارئ وإياكم أن تفكروا للحظة واحدة أن أحدا فى هذا النظام قد يدعو يوما ما إلى إنهاء العمل به .. لأننا لم نضبط أحد المسئولين فى هذا النظام متلبسا بارتكاب فعل ديمقراطى أو عمل هدفه حماية الحريات والشفافية ..

هى حلقة سنظل ندور فيها مع النظام، يمدد الطوارئ كل عام ويعد بتحسينات وإضافة وتعديلات على القانون الذى نعيش تحت رحمته على مدار 24 ساعة .. هل تريد أن تعرف كيف.. دعنى أشرح لك ببساطة كيف يسيطر ويتدخل ويتنشر ويتوغل ويتغلغل ويؤثر قانون الطوارئ فى تفاصيل حياتنا اليومية..

واليوم سأبدأ معكم بما يفعله قانون الطوارئ فى المواطن المصرى خلال يوم كامل وغدا نستكمل معا .. كيف حول قانون الطوارئ الشعب المصرى إلى مجانين، بالإضافة إلى لعبة "حاورينى ياطيطة" التى يلعبها قانون الطوارئ مع المصريين، وكيف ترتكب كل هذه الجرائم باسم القانون..عموما تعالوا نشوف يوم الطوارئ بيمر إزاى..

رحلة يومية بشعة يعيشها المواطن المصرى تحت مظلة قانون الطوارئ ومزاج رجال الجهاز الأمنى فى مصر، فطبقا لتعليمات المادة الثالثة من قانون الطوارئ يكون من حق رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه سلطة اعتقال الأشخاص الخطرين على الأمن والنظام العام، وعلى اعتبار أن فكرة الخطورة على الأمن والنظام العام فكرة لا معالم ولا حدود ولا ملامح لها فى هذا القانون أو فى أى قانون غيره داخل مصر، فإن عملية الاعتقال القانونية هذه! تتم حسب مزاج البيه الضابط ورؤيته وتقديره لوجوه الأشخاص ومدى ارتياحه لهم، فالخطورة التى تشير إليها المادة الثالثة من قانون الطوارئ وعلى أساسها يتم الاعتقال تعنى ارتكاب شخص لأفعال مادية فى العالم الخارجى بمعنى أن الأعمال التى لا تعتبر جرائم بمقتضى قانون العقوبات أوالقوانين المكملة له قد يراها رجال الجهاز الأمنى طبقا لتقديرهم أفعالا تهدد الأمن العام وتستوجب اعتقال مرتكبها، يعنى باختصار لو حضرتك هرشت فى الشارع أو كنت ماشى مكشر أو سرحان وشكلك مش عاجب الضابط يحق له اعتقالك بتهمة تهديد الأمن العام وهذا حقه الذى تكفله له المادة (3) من قانون الطوارئ.

وبعيدا عن مدى شرعية قانون الطوارئ من عدمه لأن هذه مسألة يرى الرئيس مبارك ورجاله وحدهم أنها شرعية والأمر فى بلدنا كما تعلمون يسير وفقا لما يريده هؤلاء، فإن ذلك القانون الاستثنائى جعل من يوم المواطن المصرى رحلة قاسية وغير آدمية...

المواطن المصرى الذى يسمع أذان الفجر وينزل من بيته ليلبى نداء ربه قد لا يعود لبيته مرة أخرى، فطبقا لقانون الطوارئ قد يتم توقيفه إذا اشتبه فيه أحد رجال الأمن، وفى تلك الأيام وبعد تلك الحوادث الإرهابية توقع أن يحدث ذلك كثيرا، أن يوقفك ضابط شرطة وأنت على باب الجامع ويسألك بكل سذاجة إنت رايح فين فى وقت زى ده؟ أو قد يتمادى فى سذاجته ويسألك وإنت بالبيجامة فين البطاقة بتاعتك وشهادة التجنيد، وطبعا سيادتك نازل من على السرير وجيوبك أنضف من الصينى بعد غسيله وبالتالى ستصلى الفجر إما فى البوكس أوفى أقرب قسم لبيت حضرتك وبالمناسبة هذا المشهد حدث بالتفصيل مع أحد الأصدقاء..

ونفس السيناريو قد يحدث لو شعر أى مواطن "بالخنقة " أو أصيب بالاختناق وضيق التنفس وقرر أن ينزل الشارع ليشم شوية هوا ويستطيع التنفس .

وخد عندك ياسيدى لو قرر هذا المواطن الغلبان أن ينزل صباحا إلى عمله يعنى مجموعة من العمال يركبوا عربية نص نقل ورايحين شغلهم فى ساعة مبكرة، قد يوقفهم كمين ويبدأ فى تفتيش السيارة وتفتيش العمال ويكون سيادة الضابط مش نايم أو فى آخر ورديته ويطلع "قرفه" على العمال الغلابة وقد يسحب أحدهم إلى السجن بحجة أن بطاقته مازلت ورقية وغير معترف بها أو لا يحمل شهادة تجنيد أو اشتبه الضابط فيه ويرغب فى التحقق فى سجله الإجرامى، وفى النهاية غالبا ما يتسبب هذا الكمين فى تأخر العمال عن عملهم أو فقدانهم لأعمالهم.

لاحظ كم الخسارة النفسية والمادية التى قد يسببها مثل هذا الموقف خاصة مع تكراره، واسأل أى عامل فى المدن الجديدة يخبرك كم مرة فى الشهر يتعرض لهذا الموقف وإسال أى صاحب عمل أو تجارة عن عدد المرات التى اضطر فيها إلى الذهاب إلى الأقسام لضمان عماله وخمن أنت كم الخسارة الاقتصادية فى هذا الموضوع.

إيقافك فى المترو وتفتيشك وتعطيلك عن اللحاق بالعربة الأخيرة وتوقيف الميكروباص الذى تركبه وأنت عائد من عملك وإنزالك منه لأن البيه الضابط يريد تفتيشك والاطلاع على هويتك وتفتيش حقيبتك، ومراجعة كارنيهك قبل الدخول للجامعة وتدوين اسمك فى كشف الدخول والخروج، وسبب الزيارة وتفاصيل عائلتك وتفتيشك ذاتيا وأنت مسافر بين محافظة وأخرى، كل هذا التعذيب وكل هذه المعاناة تتم تحت مظلة المادة ثلاثة من قانون الطوارئ .

فيلتك أو منزلك القديم الذى تفاجئ بأن عاليه أصبح سافله بقرار عسكرى يعطى قانون الطوارئ للسلطة حق اتخاذه " أكثر من 400 ألف منزل تم هدمها بالقرارات العسكرية" ، قد يقتحم عليك أحد منزلك بحجة تأمين موكب سيادة الرئيس أو سيادة السفير أو الوزير أو بحجة الاشتباه فى أحد سكان المنزل ولا تعترض، لأن القانون يعطيه الحق. حتى القضايا التى تخصك لا تأمنها فى ظل قانون الطوارئ، فقد تفقد فى لحظة حقك فى الوقوف أمام قاضى عادل لأن قانون الطوارئ يعطيهم الحق فى إحالتك لمحكمة عسكرية ووقتها إبقى قابلنى.

فترة الليل حدث فيها ولا حرج، فقد تخرج أنت وأصحابك فى جماعة ويتم توقيفك وتفتيشك بتهمة التجمهر، وقد يوجه إليك الضابط تهمة قلب نظام الحكم إذا حاول أحدكم أن يعترض على مايفعله بكم وياويلك ياسواد ليلك لو كنت مثلا من محافظة وسهران فى محافظة تانية، أول ما سيادة الضابط يشوف بطاقتك ويعرف كدة يبتسم وكأنه مسك دخيل أو جاسوس ويهددك بالترحيل إلى محافظتك وكأنك يعنى مواطن من الهنولولو محتاج لتأشيرة وجود فى تلك المحافظة "هذا حدث معى وتقريبا مع نص الناس اللى أعرفهم".

لو أنت ماشى على الكورنيش مع خطيبتك قد يعترضك أحد السادة رجال الأمن وتلك هواية بالمناسبة، ويبدأون حملة تريقة واستعراض أمام المرأة التى معك وكأنهم يستعرضون رجولتهم أمام تلك المرأة، وبالمناسبة سيادة الضابط أحيانا ممكن يشوف اتنين بيبوسوا بعض فى الشارع ويطنش بينما ممكن يمسك اتنين ماشيين فى أمان الله لأن مزاجه كده .

حياة المواطن المصرى اليومية تحت مظلة قانون الطوارئ لا تتوقف عند ذلك الحد، فمازال تليفونه تحت المراقبة "يتم تسجيل الكثير من المكالمات الساخنة التى تدور بين بعض الأزواج على سبيل التسلية واستخدامها وقت اللزوم"، وليس التليفون وحده بل حتى التليجراف أو الجواب أو البريد الإلكترونى لا يأمن المواطن المصرى الغلبان فى أن يقول فيه مايريد.. وغدا سنعرف كيف سيحولنا قانون الطوارئ إلى مجانين؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة