أكرم القصاص - علا الشافعي

كريم عبد السلام

تورتة الأنفلونزا

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009 12:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مصائب قوم عند وزير الصحة فوائد.. انظر المؤتمر الصحفى الذى عقده أمس الدكتور حاتم الجبلى، لتعرف الجوانب التطبيقية للمثل العربى القديم.. الوزير خرج علينا مبشراً بإنتاج عقار "التاميفلو" محلياً فى إجراء ظاهره الرحمة وباطنه الربح السريع لبعض الشركات الخاصة التى ستقوم بالإنتاج، بالمشاركة مع وزارة الصحة.. مثلما ستقوم كبريات المعامل الخاصة بعملية الفحص وتحليل عينات المرضى المرعوبين من الوباء هم وأهاليهم مقابل مبلغ يزيد قليلاً عن الألف جنيه.

ألا يعلم وزير الصحة الهمام بالتقارير الدولية والمحلية الموثقة حول خطوط الفقر المصرية، وكيف أن 40% يعيشون تحت خط الفقر الأول، مما يعنى إنفاقهم أقل من دولار واحد فى اليوم أى، 5 جنيهات و45 قرشاً، حسب آخر سعر صرف للدولار. يعنى 32 مليون مصرى لن يستطيعوا، رغم رعبهم من الوباء، دفع الألف جنيه وشوية ثمن التحليل فى المعامل الخاصة، ولا حتى الـ75 جنيهاً ثمن علبة "التاميفلو" المحلى الذى بشر به وزير الصحة.

هذا عن الواقِـعِـين تحت خط الفقر الأول.. ناهيك عن الخط الثانى والثالث الذين لا يستطيعون أيضاً دفع ثمن التحليل الخاص ولا الدواء المحلى.. فكيف يفكر وزير الصحة ؟ وما أولوياته ومن هم المستهدفون من عمله؟

هناك منهجان، الأول، أن تعمل وزارة الصحة على تغطية وحماية النسبة الغالبة من المصريين من وباء الأنفلونزا "طيور وخنازير"، وذلك بالبحث عن إنتاج المصل الواقى بمساعدة منظمة الصحة العالمية والدول المانحة، ويمكن البدء فوراً فى عملية الإنتاج، على غرار الحملة الناجحة للتطعيم ضد شلل الأطفال والتى قامت السيدة سوزان مبارك، للحق، بدور كبير فى القضاء على المرض فى مصر، عبر حملة مكثفة ومتواصلة من التطعيم المجانى فى القرى والنجوع والعزب والمدارس والوحدات الصحية، بحيث تم تغطية عموم المصريين وخصوصاً الفقراء والمحتاجين والبعيدين عن المراكز. لكن هذا المنهج للأسف بعيد تماماً عن تفكير وطريقة إدارة وزير الطب الخاص.

المنهج الثانى هو تحويل الوباء إلى سبوبة وتحريك بزنس الطب والعلاج الخاص فى مصر بجرعة كبيرة منشطة، على أن تقوم وزارة الصحة بدور الراعى والمنسق وموزع التذاكر ومحصل نسبة لا بأس بها من عملها هذا، لكن هذا المنهج يستلزم وجود مرض، وهو موجود بالفعل، بدليل ما يردده الوزير أمام الميكروفونات كل يوم عن "الجائحة" المتوقعة، وبدليل حدوث وفيات متتابعة بين فئات الشباب والأطفال والنساء.. والمرض عايز رعب بين الناس يدفعهم لبيع مصاغ زوجاتهم القليل عشان التحليل والعلاج.. ورعب الناس على أولادهم خصوصاً، سيدفع بالحركة إلى المعامل الخاصة والصيدليات بعد أن جفف الوزير ينابيع الدعم الصحى أو إعادة التأهيل للمستشفيات الحكومية، بل والاستهزاء بها عمال على بطال، لدرجة وصفه لها وهو الوزير المسئول بأنها تعمل بدون ترخيص مزاولة مهنة.. إذن الكرة بين ناس مرعوبة ومستشفيات ومعامل وصيدليات خاصة.

والمرعوب لازم يدفع عشان يعيش أو عشان خايف على أولاده، وبذلك يتحقق منهج السيد وزير الصحة بتحويل الوباء إلى بزنس والبزنس عايز مرضى والمرضى خايفين والخايف هيدفع والحكومة هتشيل إيدها تدريجياً، وبضربة مزدوجة يخفف الجبلى من فاتورة الدعم الصحى الثقيلة ويكرس لمفهوم "عيان.. اتعالج على حسابك".

لكن الوزير الذكى الذى يظن أنه سيحقق الرضا المزدوج من القيادة السياسية ومن أباطرة بزنس العلاج والدواء فى مصر، لا يعلم مدى ذكاء المصريين البسطاء، الذين عملوا للخلف در وتوجهوا مباشرة إلى دكاكين العطار، كما توجه عدد كبير منهم إلى عيادات الجمعيات الشرعية والكنائس.. وهنا الجانب الخطير أو الأثر الجانبى لدواء الوزير.. وله منا وقفة أخرى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة