تحقيقات وملفات

قاضى قضاة سيناء يطالب الرئيس بإعادة "الدرك الوطنى" كحل للانفلات الأمنى.. ويؤكد: جغرافية القبائل تحد من الجرائم وتقضى على الغرباء.. ويطالب بضرورة تملك السيناويين لأراضيهم

الثلاثاء، 04 سبتمبر 2012 04:40 م

سيناء - عبد الحليم سالم

الزميل عبد الحليم سالم يحاور الشيخ محمد البريدى

الشيخ محمد عيد البريدى شيخ مشايخ قبيلة المساعيد بسيناء، يلقب "بالمنشد"، وهو قاضى القضاة، أو رئيس المحكمة الدستورية العليا، وفقا للقانون المدنى واحدا من أهم مشايخ سيناء، هو ينتمى إلى قبيلة وفدت مع الفاتح الصحابى عمرو بن العاص، واستقرت فى سيناء، وما بين الترحال من سيناء إلى محافظات وادى النيل، استقر به المقام فى قرية المجاهدين قرية جلبانة - بها قرابة 50 مجاهدا حاصلين على نوط الامتياز من رؤساء مصر السابقين - على بعد 20 كيلو مترا شرق قناة السويس فى غرب سيناء، إلا أن القرية تتبع إداريا محافظة الإسماعيلية.

الشيخ البريدى، تشد له الرحال فى الخلافات الكبرى بين القبائل، يرفض أن يتقاضى أى أموال أو هبات نظير حله للخلافات القبلية، مما أدى إلى تعظيم مكانته بين كبار المشايخ وأبناء القبائل.

هناك فى قرية جلبانة، فى ديوانه القريب من الطريق الدولى القنطرة شرق العريش، التقيت الشيخ الكبير، برفقه ابنه صالح المسعودى، الذى كان دليل الرحلة من مدينة القنطرة شرق حتى مكان القرية.

الشيخ البريدى، مستاء مما يحدث فى سيناء، من انفلات أمنى، وما حدث من فرقة وانحلال أخلاقى وتفكك المجتمع السيناوى، وانتشار الفكر المتطرف، مطالبا بإعادة الدرك أو الحرس الخاص بالقبائل، لتحمل مسئوليتها، وتمليك القبائل جزءا من أراضيها، على أن يتم تملك باقى الأراضى على أبناء مصر عموما من أجل التنمية والتعمير.

أوضح الشيخ، أن سيناء معروفة بأرض القبائل، لافتا إلى أن كل قبيلة لها حدود معينة ومعروفة، مشيرا إلى أنه فى الماضى كان هناك ما يسمى بـ"الدرك الوطنى" وهو بمثابة حرس الحدود، فكل قبيلة لها درك مسئول عما يقع فيها أو يمر منها ومسئول عنه، وبالتالى كانت الحدود مصانة ومعروفة، وفى حال وقوع أى جريمة يسهل تحديد من ارتكبها من القبيلة أو من غيرها، وأصحاب الأرض مسئولين عن أى جريمة تقع فى أرضهم.

وأكد البريدى، أن هذا النظام - الدرك الوطنى - كان يحفظ أمن سيناء منذ عهد الدولة العثمانية والاحتلال الإنجليزى، لافتا إلى أن الرئيس عبد الناصر قام بتنفيذه، وتبعه الاحتلال الإسرائيلى فى تنفيذه بدوره، مشددا على أن الدرك الوطنى كفيل بتأمين الحدود وحمايتها والقضاء على أى غريب يأتى إليها أو يعبر فيها من خارج البلاد أو من داخلها، موضحا أن أثر الغريب أو الحضرى أو الوافد من الوادى يختلف عن أثر أبناء البدو من سيناء، قائلا:" كل واحد له أثر معروف ويمكن التوصل إليه من خلال أثره".

وطالب شيخ مشايخ قبيلة المساعيد بسيناء، بضرورة إعادة جغرافية القبائل فى سيناء، وأن يعاد الدور الكبير للمشايخ الطبيعيين فى مناطقهم كضمانة لعودة الأمن فى سيناء، مشيرا إلى انتشار الأمن والأمان فى الماضى مدللا على حديثه بالقول، إن جوال الدقيق كان يظل ملقى فى الشارع وتأتى صاحبته- التى لا تستطيع حمله كله إلى البيت - تأخذ منه كل يوم "شوية" حتى ينتهى، دون أن يستطيع أى إنسان أن يمسه أو يقترب منه.

متابعا: كانت سيناء قديما آمنة، تسافر الرحلات من غزة وفلسطين إلى مدن وادى النيل فى أمن وهدوء، لأن العرف كان حازما ومعروفا، والكل يحترم نفسه ويحترم الآخرين، نافيا شائعات فساد القضاء العرفى، قائلا: "كل إناء ينضح بما فيه" لا يمكن تعميم هذا الأمر، مؤكدا أن القضاء العرفى يحاول أن يصل إلى أحكام يرضاها الله، وقريبة من عاداتنا وتقاليدنا وترضى الأطراف أيضا، لافتا إلى أن القضاء العرفى يعيد إليك حقك بدون أوراق أو مستندات، عكس القضاء المدنى، مشيرا إلى أن الكذب ممنوع فى "العرفى" لكنه قد يكون وسيلة للنجاة فى القضاء المدنى، بينما يحكم القضاء الشرعى بما أنزل الله وبناء على سنة رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - وأساس الحكم فيه حدود الله.

وفيما يتعلق بمطالب القبائل بتملك الأرض، قال الشيخ البريدى، يمكن أن تتملك القبائل جزءا من أراضيها وليس كلها، لأن هذا معناه إلغاء الوطن، والجزء الآخر يتم تمليكه لأبناء الوادى الذين ساهموا فى تحرير سيناء وارتوت الأرض بدمائهم فى الحروب.

أوضح شيخ مشايخ قبيلة المساعيد بسيناء، أن مسألة انتشار الأفكار المتطرفة فى سيناء لابد أن تواجه بالفكر، والحجة بالحجة، والبرهان بالبرهان، لأن الحرام بين وواضح، مطالبا علماء الأمة أن يتركوا شاشات الفضائيات وينطلقوا إلى العشوائيات وإلى المدن على الطبيعة، للجهاد فى الميدان وليس فى التليفزيون.