مقالات

قاعدة بيانات الناخبين

الثلاثاء، 12 يونيو 2012 10:14 م

بقلم نهاد أبو القمصان

يطالب حزب الحرية والعدالة بإصرار شديد على الحصول على قوائم الناخبين بل إنه رفع دعوى أمام القضاء الإدارى للحصول على هذه القوائم ليتأكد من عدم حدوث تزوير، وهو طلب يبدو من ظاهره حق للمرشحين لا يختلف عليه الكثيرون، لكن فى الحقيقة بقليل من التفكير نجد أن هذه الكشوف بها الأسماء الرباعية لعدد 51 مليون مصرى ومصرية، وبها محل الإقامة ورقم البطاقة الشخصية، هذه البيانات هى أهم بيانات يستخدمها المصريون فى كافة معاملات حياتهم، ففى حال التحقق من أمضاء أى مواطن على ورقة دائما ما يتم طلب أن ترفق برقم البطاقة حتى يصعب التزوير على من يريد وبل إن استلام أى مستند به الاسم كامل ورقم البطاقة هو دليل لغير المتخصصين بصدق التوقيع وصحة المستند إلا إذا تم الطعن عليه بالتزوير وهو أمر معقد وفحصه من الخبراء يستلزم إذن محكمة.

إذن إتاحة بيانات 51 مليون مصرى هو انتهاك صارخ لخصوصية المواطنين، وإتاحة لبيانات لا يحق الاضطلاع عليها إلا بإذن الشخص نفسه لأنه يفتح الباب إلى مخاطر محدقة على المستوى الفردى والقومى نتيجة لإمكانية استخدام البيانات فى ملايين من عمليات التزوير، أو التتبع لأفراد بموجب بيان الاسم الرباعى ومحل الإقامة، لكن العملية الأبرز قد تكون اختراقات ضخمة لأنظمة البنوك والفيزا البنكية، والتى أصبح التعامل أمر لم يعد مقصورا على الأغنياء بعد أن أصبحت نسبة كبيرة من أصحاب المعاشات يستخدمونها لتلقى معاشاتهم تيسيرا لهم من مشقة الطوابير كل شهر انتظارا لصرف المعاش، كما أصبح قطاع كبير من جهات العمل تصرف رواتب العاملين أيضا بالفيزا البنكية، بالإضافة إلى أنظمة التقسيط لشراء المعدات والسيارات والرهن العقارى، أى لم يعد التعامل مع البنوك حكرا على فئة محدودة وإنما يصل لحوالى 20 مليون مواطن ومواطنة، والتعامل ومتابعة هذه المعاملات عادة ما يستلزم عدد من البيانات أهمها الاسم الكامل ومحل الإقامة ورقم البطاقة وتاريخ الميلاد، ومن ثم يصبح تقديم بيانات المصريين كاملة بدون تاريخ الميلاد هدية ذهبية لكل عصابات الإنترنت التى ببعض البرامج يصبح من السهولة الشديدة استكمال البيان الرابع وهو تاريخ الميلاد لنكون أمام كارثة مالية بنكية بكل المقاييس حيث يمكن العبث بكل الأنظمة البنكية والسطو على كل الحسابات وعدم قدرة أى إدارة لمكافحة جرائم النت مهما كانت كفاءتها صد هذا الهجوم، أيضا لا يبقى لعصابات النت سواء المالية أو السياسية إلا بيانين فقط وهم تاريخ الميلاد وكلمة السر للدخول على صفحات التواصل الاجتماعى الشخصية مثل الفيس بوك وتويتر والإيميلات الشخصية وعندها نصبح أمام اختراق غير مسبوق للخصوصية بل وتصريحات عجيبة تلصق بشخصيات عامة أو انتقامات جماعية، بل يمكن خصخصة الموضوع لتباع خدمة الاختراقات الشخصية لأن يصفى زوج حسابات مع زوجته السابقة أو العكس أو مرؤوس مع رئيسه.

بيانات المصريين هى قضية أمن قومى وكنز تدفع فيه أى هيئة أو شخص ملايين ويصبح هدف شراء 30 ألف توكيل أو الحصول على دعم حزب صغير هدف يبذل فيه الغالى والنفيس طالما الغنيمة ستكون 51 مليون مصرى.

لذا المفاضلة هنا تكون بين طلب بيانات الناخبين وهو طلب مشروع أو أمن هؤلاء الناخبين وهو هدف مشروع لذا إذا صرحت اللجنة العليا بإتاحة هذه البيانات تكون ارتكبت عدة جرائم، أولها جريمة انتهاك خصوصية هؤلاء الملايين ومن حقى كأحد هؤلاء المصريين مقاضاة اللجنة على المستوى المحلى والدولى.