مقالات القراء

حمدى رسلان يكتب: الرئيس التعيس

الأربعاء، 09 نوفمبر 2011 01:38 م

صورة أرشيفية

لاشك أن الرئيس الذى سيأتى لحكم مصر فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر، هو رئيس تعيس بكافة المقاييس، لأنه سيواجه كما هائلا من المشاكل الداخلية المتمثلة فى تدهور الاقتصاد وقرب نفاذ احتياطى البنك المركزى والعصيان المدنى من أغلب فئات المجتمع والمتمثلة فى الإضرابات المتتالية التى تحدث كل يوم وفى كل مكان داخل مصر.

كما سيواجه مشكلة الرقابة الصارمة لأدائه من كافة طوائف الشعب المصرى الذى عرف حقوقه مؤخراً، وترك الصمت وعلا صوته بالهتافات التى تطالب بحقوقه، كما انكسر لديه حاجز الخوف من السلطان والسلطة بعد أن ضاعت هيبة الاثنين بعد أحداث ثورة 25 يناير، ولم يصبح ذو السلطة والنفوذ كما كانوا قبل الثورة، بل أصبحوا ضعفاء يتوارون خلف الجدران، أو يحاولون إرضاء الناس بكافة السبل لنيّل رضائهم.

كما سيواجه الرئيس القادم مشاكل خارجية رهيبة، والمتمثلة فى الخريطة الجديدة للدول العربية التى تجتاحها ثورات الغضب ضد حكامها، كما سيواجه الزواج الكاثوليكى لبعض الحكام العرب مع النظام السابق بقيادة مبارك، ورفضهم التعامل مع مصر كدولة فى ظل سخطهم من طريقة إهانة رمز الأمة العربية (مبارك)، كما يتخيلون هم أو على حد تعبيرهم.

وأيضاً سيواجه الرئيس القادم المسكين الضغوط الأمريكية المتتالية على مصر تحت دعوى حماية الأقليات المسيحية من الأغلبية المسلمة، بمساعدة بعض من أقباط المهجر الذين باعوا بلدهم وضمائرهم لدولة العم سام، وأصبحوا لا يقلون خطورة على مصر من الجماعات المتطرفة الأخرى، لأنهم يهدفون إلى اجتياح مصر عسكرياً بهدف فرض الحماية عليها.

وأهم وأصعب ما يواجهه الرئيس القادم هى مشكلة ديون مصر الخارجية والداخلية، والتى تعدت أرقاما خيالية فى ظل النظام السابق، الذى كان لا يتوانى فى طلب القروض بأعلى الفوائد للتغطية على فشله فى إدارة الاقتصاد المصرى، وأيضاً الدين الداخلى الذى بلغ مبالغ كبيرة جداً وأهمها ضياع أموال التأمينات الاجتماعية دون أن يعرف أحداً إلى الآن (أين ذهبت ؟!!).

ثم سيواجه صراعات الأحزاب الجديدة والقديمة، التى ستنجح فى الانتخابات القادمة وطامعة فى السلطة والتى لم تنجح وتحاول تبرير فشلها، وربما نسمع لأول مرة فى مصر منذ عهد الملك فاروق ( بالحكومة الائتلافية) لعدم حصول أحد الأحزاب على الأغلبية المطلوبة، وربما كلما شكلنا حكومة لا تستمر أسابيع حتى نشكل أخرى فى حالة انسحاب بعض الأحزاب منها.

وتأتى مشكلة الأمن وفرض البلطجية لنفوذهم على الشارع المصرى فى ظل غياب متعمد من رجال الداخلية الذين يرفضون القيام بمهام عملهم الموكولة إليهم، ليتركوا الساحة خالية لأصحاب السوابق لفعل مايشاؤون دون رادع أو راد لهم.

مشاكل ومشاكل ومشاكل سيواجهها الرئيس القادم، فإلى من يتنافسون على هذا الكرسى النظر إلى هذه المشاكل أولاً، وعلى كل منهم أن يعرض علينا وجهة نظرهِ فى حل هذه المشاكل جميعها، وأن يبدى رؤيته فى المستقبل القريب والبعيد، أى مدة الأربع سنوات الأولى لحكمه، والمستقبل البعيد وهو التخطيط لسنوات طويلة قادمة لنسير على منهج واحد، لا يتغيّر بتغير الأشخاص، وإنما تصبح سياستنا ثابتة مهما تداول أشخاصٍ عدة السلطة.

لو كنت أنا أحد المرشحين وعلمت بكل هذا الكم من المشاكل لاعتذرت عن الترشيح، لأنى لا أستطيع تحمل مسئولية بهذا الحجم الرهيب، أو أن أحقق فى أربع سنوات ما عجز عنه النظام السابق فى ثلاثين عاماً متتالية، أو أن أواجه هذا الكم من الصراعات والمؤامرات الداخلية والخارجية التى تحبك لمصر، كان الله فى عون هذا الرئيس ووفقه لما يصب فى صالح هذا البلد، الذى أصبح الآن ( شبه بلد ).