أكرم القصاص

زعماء «المآتة» وليبراليو اليوم الواحد

الخميس، 31 أكتوبر 2013 07:07 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الطبيعى والعادى والمتوقع أن ينشغل الثورى الحقيقى بالسعى لتحقيق أهداف الثورة التى هى مصالح الشعب، وأن يسعى لتحديد منافسيه وحلفائه المحتملين، ويحرص على تحديد الأهداف المشتركة مع باقى التيارات. لكن ما نراه طوال ثلاثة أعوام إلا قليلًا، أن السادة الزعماء انشغلوا بتلميع أنفسهم وتضخيم أدوارهم، ونسوا الثورة وأهدافها ومواطنيها، وفضلوا خوض معارك لتصفية خصومهم ومنافسيهم.. وعليه فقد أصبحنا أمام زعامات بلا طحن، تستسهل تسفيه الآخرين، وتضخيم دورها.
والنتيجة أنه فى وقت الجد ينشغل آباء الثورة الوهميون بمعارك فرعية لتخوين بعضهم، ويسعى كل منهم لنسبة الثورة إلى نفسه، تاركين ما يجرى وما يهم. وقد تفرجنا- وما زلنا- على السادة قادة الفتوحات الثورية، وهم يقطعون بعضهم، وكل منهم يسوق للآخر حكايات وقصصًا على أنه كان مهادنًا ومتواطئًا ونهازًا للفرص بينما كان هو وحده المتمسك بالجمرات والقابض على أصول الثورات. ولو تأملنا نكتشف أن أغلب إنجازات الزعامات الفضائية أنهم نجحوا فى التقاط أكبر عدد من الصور لأنفسهم فى الميادين، واعتبروا هذا مسوغ تعيينهم الوحيد.
زعماء الفراغ السياسى يواصلون وجودهم فى الفضاء التليفزيونى والافتراضى، ولا تنتابهم أى أشواق للشارع الذى هو المجال الطبيعى للتحرك السياسى والمواطنين الذين هم الأولى بالحديث. وبسبب انشغال السادة الزعماء بتقسيم المواطنين حسب أهوائهم، هذا فلول وذاك أمن، وتأكيد ثوريتهم وزعامتهم، وتسفيه غيرهم، لم ينشغلوا بما يجرى على الأرض من معارك وخلافات، وقضايا تستحق الاهتمام، والنتيجة غالبًا أنهم يتفرغون للعراك على الزعامة، ويتركون الشارع نهبًا لمن هو أكثر نشاطًا وقدرة على الحركة، حتى لو كان انتهازيًا.
ولم ينتبه زعماء اليوم الواحد فى ظل انشغالهم بالقضاء على بعضهم إلى أن الشارع فقد ثقته فيهم، بعد أن وجدهم يتصارعون على سلطة ناقصة.. زعامات فضائية ومؤتمراتية، بينما لم ينشغلوا بنشر الوعى، أو توصيل رسالة للناس بما يريدونه.. والمثير أن عددًا من كبار زعامات «المآتة» تفرغوا لنهش بعضهم، وتضخيم أدوارهم الثورية اللولبية، دون أن ينشغلوا مثلا بالدستور أو الأهداف التى يفترض أن تتوفر فيه، أو يقدموا تصوراتهم عن البدائل السياسية والاقتصادية.
يتحدث زعماء «المآتة» كثيرًا عن مواصفات المرشح الثورى الأنسب للرئاسة، لكن ما أن تطلب منهم أن يقدموا مثالًا واحدًا لمرشحهم، ينقسمون على الأسماء المطروحة، ويحرص كل منهم على تسفيه هذا أو ذاك، من دون أن يتفقوا إلا على الاختلاف، ولم يقدموا مرشحهم المزعوم، لأنهم متفرغون لتشويه كل ما هو مطروح.
ويمدح بعض زعماء «المآتة» ليبراليتهم، بينما يخالفون أبسط مبادئها فى معاركهم لتصفية منافسيهم.. يتحدثون عن العدالة من دون أن يتفرغوا لتحويل كلامهم إلى برامج وتصورات عملية يمكن للفقير أو المتوسط أن يفهمها ويتخيل نتائجها.
والنتيجة أن زعامات اليوم الواحد أصبحت «شربة زيت» ثورية تجرعها الناس طوال عامين ونصف العام وزيادة، ولم يروا لها علامة أكثر من كاميرا وميكروفون.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة